عرفت السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية على امتداد تاريخه الذي بدأ في العام 2002 تقلبات عديدة وفي أحيان كثيرة حادة. ولا شك أن السنوات الأولى من حقبته كانت تحمل الكثير من الوعود على الصعيدين الداخلي والخارجي.
غير أنه بعد عشرين عاماً ونيّف نجد أن الوعود الداخلية لحل القضايا الأساسية لم يتحقق أغلبها. وعلى سبيل المثال القضية الكردية
ومع أن محاولات كانت تبرز من وقت لآخر لحل المشكلة الكردية لكنها مع بداية العام 2024 أظهرت على أن حلها صعب للغاية، ليس فقط لدى التيار الإسلامي، بل أيضاً وأساساً لدى التيار العلماني اللذين حكما منذ تأسيس الجمهورية وحتى الآن. ومع ذلك لم تعرف المشكلة حلاً لها.
وما أضيف على السياسة الخارجية التركية التدخلات في العديد من الدول العربية وفي القوقاز. وبتقديرنا فإن هذا أضاف مشكلات عديدة على العناوين المختلفة للسياسة الخارجية التركية. ويتوقع أن يستمر ذلك في العام الجديد في ظل غياب أي خطوات جدية للتعامل بطريقة مختلفة مع الأوضاع خصوصاً في شمال سوريا وشمال العراق.
واستمرت «الحساسية» التركية من العالم الغربي ولا سيما الولايات المتحدة وأوروبا مع اتهام الرئيس التركي للعالم الغربي بأنه ينطلق من سياساته على أساس ديني. وهذا لا شك لا يريح تركيا التي تأمل في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الذي لا يزال يرفض انضمامها إليه، ما يؤكد نظرية تركيا بأن التعامل معها من قبل أوروبا فيه تمييز.
ولم تواجه تركيا بارتياح انفجار الوضع في غزة، حيث فوجئت بها وهي التي تعمل منذ سنتين على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
والأمر نفسه ينطبق على مسارات المصالحة والتطبيع مع الدول العربية. وأكبر امتحان على ذلك كان الإشكال الذي حصل في مدينة الرياض وحال دون إقامة مباراة السوبر بين فريقي «فنار باهتشه» و«غلطه سراي» التركيين وما رافقه من تحريض على العلاقات بين السعودية وتركيا. لكن الرئيس التركي كان حريصاً على مواصلة المصالحة مع الرياض، واتهم المعارضة التركية بمحاولة تسميم الأجواء وخلق حالة من العداء بين الأتراك والعرب.
ولا يعرف ما إذا كانت العلاقات التركية مع مصر ستشهد تطوراً نوعياً. إذ إن المصالحة مع مصر رغم أنها بدأت قبل المصالحات مع دول عربية أخرى، لم تعرف حتى الآن نهاية إيجابية رغم بعض التواصل بين الجانبين على مستويات عليا. ولعل تهنئة أردوغان للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمناسبة إعادة انتخابه من جديد للرئاسة تسهم في إحداث خرق في جدار العلاقات.
وعلى هذا يمكن القول إن السياسة الخارجية لتركيا في العام 2024 ستواصل المسار نفسه الذي كانت عليه عام 2023 ما لم تحدث مفاجآت تغيّر من هذا المسار بهذا الاتجاه أو ذاك.
التعليقات