- لديّ ما يدعوني إلى الأعتقاد.. بل لنقل أن لدي ما يدعوني إلى -الجزم- بأن أطفالنا من الذين يدرسون في المراحل الأبتدائية لا يجيدون من لغة الضاد إلا ما يحتاجونه للحديث بمصطلحات ومواضيع محددة مثل كرة القدم وتعبيراتها، وكذلك الحواسيب وما يقولونه او يكتبونه خلال قيامهم بالتواصل بالجوال.. أما وفيما عدا ذلك من المصطلحات التي تمتاز بفصاحة وجمال لغوي.. فهم قد لا يعلمون بوجودها .
- إن من مقومات جمال اللغة العربية -الترادف- وهو دلالة عدد من الألفاظ على معنى واحد وهو مستويات ودرجات، وقد ألف كبار علماء اللغة العربية مصنفاتٍ في هذا الجانب من أشهرها، كتاب: الألفاظ المترادفة للرماني، الذي جمع فيه آلاف الألفاظ المترادفة، ومن الأمثلة عليها: الغم، الغمة، والشجن، الترح، الأسى، الوجد، الجزع، الكآبة، الأسف، اللهفة، الحسرة، الجوى، ولكل لفظة من هذه الألفاظ مستوى معين إلا أنها تتفق في المعنى العام وهو الحزن، وهذا من أبرز أنواع الثراء الدلالي في اللغة العربية، بينما أشهر لغات العالم لا نجد فيها هذا التنوّع والاتساع في الدلالة، فكلما كان اللفظ دقيقاً في معناه كلما كان أبلغ في الوصول إلى مبتغاه.. ولا يخفى عليكم ما في ذلك من الجمال والاكتمال.
- يقول الدكتور محمد عبدالشافي القوصي: «من أسرار قوة اللغة العربية الذاتية كثرة مترادفاتها، التي مَكّنَت الشعراء من أن ينظموا عليها قصائدهم الطويلة مع التزام الروي والقافية، كما أنها أداة جيدةٌ لبلاغة الكُتّاب، وفصاحة الفصحاء، فقد استطاعوا أن يتخيروا من الألفاظ المترادفة ما يناسب السجع أحياناً، والترصيع أحياناً».
- يتجلَّى رونق اللغة العربية حين نعلم أن دلالات اللفظ الواحد تتعدد بحسب السياقات المتضمنة له، وقد مَثَّلَ علماءُ العربية بعدة ألفاظ، منها لفظ: ضَرَبَ، فضرب زيدٌ عَمراً، أي: عاقبه، وضرب الله مثلاً، أي ذَكَرَ، وضرب له قُبة، أي أقام، وضرب العملة، أي صاغها، وضرب له موعداً، أي حدّد، وضرب في الأرض، أي: سعى، وهذه سمةٌ تندر في اللغات، وقد اكتسبتْها اللغةُ العربية لما لها من العمر المديد الذي استطاعتْ به أن تُطوّر أدواتها، وتنسجم مع المتغيرات المكانية والزمانية.
التعليقات