كرة القدم.. فضاء رياضي بدني أساسه اللياقة، وأجمل ما في لياقة هذه الرياضة العالمية من ناحية ثقافية اقتران اللغة.. باللعب.
المقصود هو المعلّق الرياضي، سواء أكان في الميدان أو الاستوديو، وحين ترى لعباً رائعاً في ما يسميه الرياضيون المستطيل الأخضر وقد اقترن باللغة الفصحى الموازية لحركة اللاعب، وحيويته، فأنت في هذه اللحظة تجد نفسك وتجد روحك وبدنك في قلب ثقافة من نوع آخر.. ثقافة الجسد، وثقافة اللسان..
يحب الكثير من العرب، معلّقين رياضيين لسانهم اللغوي فصيح ويكاد ينطق بلا شائبة نحوية:.. عبدالعزيز الكعبي، فارس عوض، فهد العتيبي، عصام الشوالي، رؤوف خليف، سوار الذهب علي، حفيظ الدرّاجي، وغيرهم من معلّقين ميدانيين يقاربون بجمالية عالية بين لياقة اللعب، ولياقة اللغة.
عرفت من أحد أبنائي أن هؤلاء المعلّقين (اللغويين) يراوحون في أعمارهم بين الثلاثين والستين، وأكثرهم من المغرب، والجزائر، وتونس.
على قدر معرفة هؤلاء باللغة العربية ينطقون بلسان عربي فصيح، سواء في ما يتصل بمجريات اللعبة، أو في ما يتصل بالمعلومات، وأحياناً، هي معلومات ثقافية، تاريخية، جغرافية أو اجتماعية ذات علاقة بعادات وثقافات الشعوب.
من زاوية ثقافية، بل، وجمالية تجد أنك منجذب تلقائياً إلى لغتك العربية، وأنت تشاهد مباراة كرة قدم، وسوف يحيلك هذا الانجذاب إلى اللعبة إلى شكل من أشكال الثقافة الحرّة والمتاحة إلى الملايين من الشباب العرب في مثل هذه المباريات العالمية.
المعلّق الرياضي بالفصحى العربية يؤدي عملاً ثقافياً خالصاً ونقياً ونظيفاً بلا أية مقدمات.. وإن كل ما يدفعه إلى الكلام والحديث أو التصريح بلغته العربية الصافية، إنما هو فطرته، وتربيته، ووجدانه الثقافي المرتبط أصلاً بهذا اللسان الفصيح.
يعرف القارئ العزيز أن الكثير من المعلّقين الرياضيين يجيدون لغات العالم: الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، الهندية، وغيرها من لغات بكفاءة ثقافية عالية، غير أن الفطرة اللغوية، إن جازت العبارة، هي شكل من أشكال العودة إلى رحم الأم، والعودة إلى ظهر الأب، وهي هنا اللغة التي هي الأب والأم.
تلك مجرد تحية بسيطة إلى إعلاميين وصحفيين رياضيين جميلين ورائعين في لسانهم العربي الفصيح، الذي، للأسف، يشَوِّهه ويسيء إليه يومياً معلّقون غارقون في خطابات العنف والاختلاف والجدل العاقر والعقيم.
التعليقات