ستة أعوام تفصل بين عمري «فيسبوك» و«إنستغرام». المنصة الأولى احتفلت مؤخراً بمرور 20 عاماً على تأسيسها في العام 2004، فيما أتت «إنستغرام» في العام 2010. ومع أن منصة «إنستغرام» أصبحت تحت مظلة إمبراطورية «ميتا» التي تملك «فيسبوك»، إلا إن «إنستغرام» الأحدث عمراً غدت منافساً قوياً ل«فيسبوك»، وكثير من متابعي الأخيرة انتقلوا إلى «إنستغرام». ورغم أن نسبة غير قليلة من المتابعين يملكون حساباً على المنصتين، فإن قطاعاً كبيراً منهم، خاصة من الأجيال الجديدة، يجدون أن «إنستغرام» تلائمهم أكثر في نشر ما يريدون من صور وفيديوهات، سواء أرفقوها بتعليقات في حدود المساحة التي تتيحها المنصة، أو حتى بدونها.

يمكن ملاحظة أن الأمر يختلف بين بلد وآخر، ومنطقة وأخرى، وربما قارة وأخرى، فحيث لا تزال «فيسبوك» المحطة الأبرز في بعض البلدان، نجدها تتراجع في بلدان ومناطق أخرى، فيما تتقدم «إنستغرام». ومن المرجح أن الأمر سيتغير في المستقبل مع ظهور تطبيقات أخرى، والتطور المذهل والسريع في العالم الرقمي، توافقاً مع سرعة الزمن الذي نعيش، والتي لا نعلم أهي سرعة حميدة، أم أنها تفقدنا متعة البطء التي عاشتها أجيال سابقة؟ والبطء ليس بالضرورة قرين الكسل أو الرتابة، فهو قد يتيح لنا تذوق الحياة والاستمتاع بها بشكل أعمق.

ليس جديداً الحديث عن مساحة حرية التعبير التي أتاحتها الوسائل الرقمية، ورغم كل ما في هذه الحرية من نقائض، فإنها بالتأكيد يسّرت الحديث عن أمور لا يتيحها الإعلام التقليدي الذي تحكمه ضوابط صارمة، حتى وإن تفاوتت درجة الصرامة بين مجتمع وآخر، لكن الحرية المتاحة في العالم الرقمي لم تكن مطلقة، وإن كانت واسعة. مع مرور الوقت بدأت في التكوّن ضوابط خاصة بهذا العالم، خاصة في الجزء المتصل بالقضايا السياسية، وأخطر ما في هذه الضوابط هو كونيّتها، فإذا كانت مساحة حرية التعبير في أي مجتمع أمراً تحدّده الجهات السيادية في المجتمع، ما يفسر التفاوت في حجم هذه المساحة من بلد إلى آخر، فإن القيود التي تفرضها إمبراطوريات وسائل التواصل الرقمي تطال كافة البلدان.

«إنستغرام»، بالذات، كانت مثاراً للجدل والنقد بسبب تغييراتها لواجهة المستخدم وسياسة الخصوصية للتطبيق، وادعاءات الرقابة، والمحتوى «غير القانوني» أو «غير الجيد» الذي يتم رفعه من قبل المستخدمين، ومؤخراً فقط قرّرت المنصة التوقف عن التوصية الاستباقية للمحتوى السياسي، أي عدم اقتراح هذا المحتوى على من لا يتابع الحسابات التي تنتجه، في ضربة كبيرة لصناع المحتوى السياسي، وحول ذلك قال آدم موصيري، رئيس «إنستغرام»: «لا نريد تضخيم المحتوى السياسي بشكل استباقي من الحسابات التي لا تتابعها».