‏لم يعد خافياً على أحد بأن الرئيس الأمريكي جو بايدن يعاني من مشكلة في الذاكرة، وهذا أصبح يتكرر في كل لقاء صحفي؛ حيث يتلعثم الرئيس وينسى أموراً في غاية البساطة منها أنه أخطأ في اسم المستشار الألماني آولاف شولتز عندما سماه بالمستشار السابق هولمت كول، وكذا فعل مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما أعتقد أنه الرئيس الراحل فرانسوا ميتران، بل إنه يعتقد بأن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي هو رئيس المكسيك، وهذا كان يمكن أن يمر لو كان مرة واحدة أو لو لم نكن في سنة انتخابية؛ حيث يراقب الجميع أداء الرئيس ومع ذلك فإن السهو والتلعثم ليسا هما أكبر مصاعب الرئيس، بل إن اللجنة التي تم تشكيلها للتحقيق مع بايدن لأنه نقل وثائق سرية من مكتبه البيضاوي عندما كان نائباً للرئيس إلى منزله لم تترك المجال للشك بأن الرئيس حوله هالة من الشكوك إذا ما كان يصلح لكي يكون مرشح الحزب الديمقراطي، وأكثر من ذلك أن الكثير بات يشكك في قدرة الرئيس على إنهاء فترته الرئاسية، و‏بحسب تقرير تلك اللجنة فإنها أوصت بأن لا تتم محاكمة الرئيس باعتباره طاعناً في السن ولديه وهن في قدراته الذهنية وذاكرته ضعيفة، وبالتالي هذه وثيقة رسمية ومن جهة حكومية أمريكية وهي وزارة العدل والنائب العام هي التي قيّمت قدرات الرئيس الذهنية، فعلى سبيل المثال لا الحصر تقرير اللجنة أشار إلى أن الرئيس لم يذكر متى أصبح نائباً للرئيس السابق أوباما أو متى أصبح رئيساً أو حتى متى توفي ولده.

قد تبدو هذه مسألة أمريكية داخلية، ولكن في حقيقة الأمر هذه مسألة دولية باعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية داخلة في عدد كبير من القضايا الدولية من أقصى جنوب شرق آسيا إلى الحرب في أوكرانيا وصولاً إلى الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، كل هذه القضايا الحساسة تتطلب عقلاً فطناً وذهناً صافياً، ‏وإلا فإن النتائج سوف تكون كارثية.

من ناحية أخرى فعلى الصعيد الداخلي الأمريكي وكذلك في المجتمع الدولي فإن معظم الدول باتت تحضر نفسها باعتبار أن الرئيس القادم هو دونالد ترمب حيث يبدو أن بايدن مستمر في عناده باعتبار أنه يصلح لكي يكون مرشح الحزب الديمقراطي، وحتى إذا افترضنا بأنه قرر الانسحاب فإن كاميلا هاريس تعاني من شعبية منخفضة ومن الصعب تخيل أنها سوف تكون نداً لترمب.

لذلك فكلما أسرع الحزب الديمقراطي في حسم هذه القضية كلما احتفظ ببعض الأمل في كونه سوف يكون جزءاً من المشهد الانتخابي في شهر نوفمبر القادم، لكن كلما مرت الأيام فإن إمكانية التغيير سوف تكون صعبة وإمكانية التراجع سوف تكون أصعب ووضع مرشح جديد سوف تكون مسألة شبه مستحيلة.

المنطق والعقل والمصلحة السياسية تدفع إلى حسم الحزب الديمقراطي هذه القضية بشكل سريع وأن يواجه حقيقة بأن الرئيس لا يستطيع الاستمرار في منصبه.