يمثل الأمير محمد بن سلمان قيادة شابة تترك آثارها ليس فقط على صعيد المملكة العربية السعودية، بل على صعيد المنطقة برمتها، حيث أطلق مشروعاً وطنياً لامس بآثاره المنطقة، وكان له تأثيراته على المستوى الدولي؛ لأن المملكة العربية السعودية باعتبارها المركز الثقافي والحضاري للعالمين العربي والإسلامي تمثل النموذج الذي يتجاوز بقوته الناعمة حدوده الوطنية؛ لذلك بقيت أنظار المنطقة والمجتمع الدولي مسمرة على جملة التطورات التي حدثت في المملكة خلال السنوات القليلة الماضية والتي سيمتد تأثيرها إلى عقود قادمة. المشروع التنموي الذي قاده الأمير محمد بن سلمان ينتقل بالمملكة من الدولة النفطية الريعية إلى الدولة المنتجة بالمعنى الاقتصادي للكلمة، حيث بقي الهاجس لدى المواطن السعودي كما لدى المراقبين والمهتمين بالشأن العربي والخليجي هو كيفية التخطيط لما بعد النفط، فكانت الإجابة الواضحة والصريحة التي أطلقها الأمير عبر أحاديث وتوجهات اقتصادية واجتماعية وثقافية تم التعبير عنها بمشاريع كبرى طالت كافة ميادين الحياة في المملكة. نقطة الانطلاق الأولى كانت العودة إلى وسطية الإسلام ورحابته التي حاولت تيارات متشددة ومتطرفة أن تضيّق على المسلمين في كل مكان، وبالتالي المشروع السعودي الذي كان النقيض لحالة التطرف مثل العودة إلى الأصول التي هي بطبيعتها تنحو باتجاه الوسطية والاعتدال، ثم تلا ذلك العمل على البنية التشريعية والقانونية باعتبارها تمثل البنية التحتية لأي تطور اقتصادي تسعى إليه المملكة وتشجعه، ومن هنا انطلقت المملكة في بناء اقتصاد متين يستند إلى مؤهلات تمتلكها المملكة من الموقع الجغرافي إلى الثروات الكامنة والأهم من هذا وذاك الثروة البشرية التي يمكن الاعتماد عليها، فكانت الخطوة الأهم والتي ينظر إليها من خارج المملكة بكثير من التقدير والاحترام والإعجاب هو إشراك الشباب وجعلهم جزءاً من المشروع الوطني تخطيطاً وإدارة وتنفيذاً. وهكذا بدأ الشباب السعودي يبهر الجميع بمدى استيعابه لمعطيات العصر وتحولت المملكة إلى مركز علمي وتقني، وهي مؤهلة خلال الفترة القادمة أن تصبح المركز الاقتصادي والمالي المحوري ليس فقط على صعيد منطقة الشرق الأوسط، بل على الصعيد العالمي. هذا كله يحدث في المملكة وهي في وسط منطقة شديدة الاضطراب خلال السنوات الماضية وفيها الكثير من النزاعات والصراعات، وقد نجحت السياسة السعودية بلعب دور رجل الإطفاء لهذه الحرائق قدر الإمكان، فتحولت الرياض إلى مركز سياسي تتقاطع عندها الكثير من الجهود الدبلوماسية التي تهدف إلى نزع فتيل هذه الأزمة أو تلك. بل إن الرؤى التي عبّرت عنها المملكة خلال السنوات الماضية والتي تجاهلتها بعض الأطراف الدولية سرعان ما عادت إليها مرغمة بعد أن أثبتت الأيام عمق الرؤية السعودية المستقبلية وصوابيتها.

تسير المملكة العربية السعودية بخطى ثابتة نحو مستقبل يعمل أبناؤها لكي يكون مشرقاً بمشيئة الله، وهي تدرك أهمية دورها على صعيد المنطقة العربية برمتها، لذلك في كل الأحاديث كان الأمير محمد بن سلمان يتحدث عن الشرق الأوسط والتنمية التي سوف تشمل الجميع؛ لذلك بالرغم من كل السواد الذي نشهده في المنطقة فإن هنالك شعلة أمل تمثلها السعودية بقيادتها وشعبها.