اعتدنا أن نقرأ النقاشات حول أهمّ الكتّاب والكاتبات في بلدٍ ما أو ثقافة ما أو حقبة زمنية ما، وبالنتيجة سيدور الحديث، بطبيعة الحال، حول السبب أو الأسباب التي تجعل هؤلاء لا مهمين فقط، وإنما الأهم مقارنة بزملائهم الآخرين، وفي مقدّمة ذلك أبرز أعمالهم الأدبية التي يسّرت لهم تلك المكانة المتقدمة، والشيء نفسه يمكن أن يقال عن الفنانين، موسيقيين كانوا أو رسَامين أو نجوم سينما. ما نحن إزاءه أمر مختلف ولافت للانتباه، فهو يتصل بأبطال الروايات، وتحديداً النساء منهن، لا بكتّابها. وهو موضوع استفتاء أجرته خدمة «ليتريس» الأدبية الروسية لاستطلاع رأي القراء حول أهم الشخصيات النسائية في الأدب الكلاسيكي الروسي، التي اختارت أن يتزامن ذلك مع الاحتفال بعيد المرأة العالمي.
حتى الذين لم يتح لهم قراءة رواية ليون تولستوي «آنا كارنينا»، وهي رواية طويلة تتطلب قراءتها صبراً، ربما أتيح لهم التعرف إلى ملامح بطلة الرواية «آنا» من خلال مشاهدة الأفلام التي أخذت عن الرواية، وعددها كبير، فالبطلة التي لا تنسى تنتمي إلى طبقة النبلاء في روسيا القيصرية، ورغم أنها متزوجة من رجل يتبوأ موقعاً إدارياً ومجتمعياً قويّاً، وبرغم ما هي عليه من قوّة في الشخصية ومقدرة على التحكم في عواطفها وتصرفاتها، فإنها ستقع في حب ضابط شاب حبّاً تمرّد على كل عوامل الضبط والقوّة في شخصيتها.
رغم شهرة آنا كارنينا فإنها لم تحتل الموقع الأول بين أهم شخصيات الأدب الروسي في الاستطلاع المذكور، وإنما حلت ثانياً، حيث سبقتها تاتيانا لارينا من رواية «يفغيني أونيغين» الشعرية لأشهر شاعر روسي، ألكسندر بوشكين، وشغلت المرتبة الثالثة (36%) مارغاريتا من رواية «المعلم ومارغاريتا» للكاتب الروسي للقرن العشرين ميخائيل بولغاكوف. ولم تكن آنا كارنينا هي الوحيدة من شخصيات روايات تولستوي التي دخلت ضمن أشهر خمس شخصيات توجت في الاستفتاء، وإنما شاركتها أيضاً ناتاشا روستوفا من روايته «الحرب والسلم»، لتليها في المركز الخامس ماشا ميرونوفا من رواية بوشكين «ابنة النقيب».
سيكون باعثاً على الفضول معرفة ما الذي جذب القراء إلى هذه الشخصيات النسائية أكثر من سواها، لنجد، وفق التقرير الذي تناول النتائج، أن القراء ذكروا صفات مثل «المثابرة في مواجهة الصعوبات» (60%)، و«اللطف» (52%)، و«نكران الذات» (45%). ومن المثير للاهتمام أن الذين لم تعجبهم الشخصيات النسائية الكلاسيكية يشيرون إلى «التواضع في مواجهة مشاكل الحياة» (77%)، و«عدم التنوع في أداء الأدوار الاجتماعية» (58%)، و«تخلف المرأة» (53%) باعتبارها سمات سلبية رئيسية.
لا بأس لو ختمنا بهذا السؤال: كيف ستكون النتائج لو أقيم استطلاع عربي عن أهم شخصيات أدبنا الروائي النسائية؟
التعليقات