مازلنا في البدايات، كأن التمهيد يطول قليلاً، لكن بعض المسلسلات كشف عن نفسه مبكراً، منها ما ترافق مع الرتابة في الإيقاع حتى الآن، ومنها ما استطاع جذبنا، ولو بشكل جزئي؛ وفي كل الأحوال، ما زلنا ننتظر الإبهار الذي لم يصل بعد، وما زلنا نتوقع الأفضل قبل أن نعطي الانطباع الحاسم والتمييز بين هذا، وذاك، بين الجيد والأفضل، والأسوأ.. المؤلفة اللبنانية نادين جابر، تكتب بحبر الواقع، تختار هذا الموسم الرمضاني أن تحوك ثوب الدراما من نسيج أنثوي، جريئة في اختيار تلك الخيوط المتشابكة، تعرّي ظواهر اجتماعية ما زالت تعيش في بعض القرى، أو المدن البعيدة، رغم مأساويتها، وظلمها، وأفكارها البالية، والمجحفة بحق المرأة، تعرية تمنح الدراما ثوباً جديداً، لا يشبه القضايا المعروضة على الشاشة، وفي باقي المسلسلات العربية؛

نحن نتكلم عن مسلسل «ع أمل» تأليف نادين جابر، إخراج السوري رامي حنا، بطولة ماغي بو غصن، عمار شلق، بديع أبو شقرا، مهيار خضور، إلسا زغيب، كارول عبود، مارلين نعمان، وغيرهم الكثير من الوجوه المعروفة، وتلك الشابة التي تستحق الإشادة. المسلسل يستحق أكثر من وقفة وأكثر من محطة للحديث عنه، لا يمكن حسم الموقف منه، التشويق عالٍ، جعبة نادين جابر مملوءة بالمفاجآت، وتعرف كيف تقدم لنا في كل حلقة مفاجأة، أو أكثر؛

ما زالت القصة لم تكتمل، وما زلنا نكتشف علاقة الشخصيات ببعضها بعضاً، لكن العمل في القضية التي يتناولها عميق؛ حيث يتناول معاناة بعض الفتيات والنساء من القهر، بسبب ذكورية المجتمع والتفكير، تعصّب يتسبب بتدمير حياة «يسار» (ماغي بو غصن)، فيمزق قلبها بين واقع مزيف تعيشه، وماضٍ تخفيه عن الجميع، لأنه مغلّف بأسرار ومآسٍ، إذا انكشفت اليوم ستدمّر حياة يسار، المذيعة المشهورة، وربما تؤدي إلى موتها. القصة والإخراج والتمثيل، الكل يمشي على خط النجاح حتى الآن، مع وجود بعض الملاحظات على الأسلوب المباشر في إيصال رسالة المسلسل حين تتوجه المذيعة يسار بكلامها، وعبر برنامجها «ع أمل» إلى الجمهور، المباشرة تقلل من عمق المضمون فيبدو أسلوب البطلة مستفزاً بكلامها الحاد، ونبرتها العالية، وكلامها الأقرب إلى الموعظة..

بينما باقي الحوارات سلسة، وتحمل الكثير من المعاني، والجمهور «شاطر» يستطيع فهمها، والتفاعل معها بلا حاجة لمن يعِظه، ويوجّهه. حتى الآن، يمكننا القول إننا نستمتع بمشاهدة المسلسل «ع أمل» أن يواصل رحلته صعوداً، خصوصاً أن أداء الممثلين فيه يستحق الإشادة، والقضية، بل القضايا التي يعالجها شديدة الأهمية، سواء الظلم في الحكم على الفتاة منذ لحظة ولادتها باعتبارها أقل أهمية من «الولد»، أو بحرمانها من التعليم الجامعي لأنها «بنت»، وإجبارها على الزواج من شخص محدد..

مقدمة أو تتر المسلسل بحد ذاته معبّر جداً، ويحكي القصة بشريط تمثيلي، فيبدو كأنه عمل مسرحي يلخّص المضمون والمسلسل بشكل فلسفي، فني جميل، تواكبه أغنية بصوت إليسا، رائعة ومناسبة جداً.