ألا تتمنّى في كلّ رمضان، أن ترى المسلمين، ولو في العمر مرّة، وقد ازدانت سهرات الشهر الفضيل، بآخر أخبار الفيزياء الفلكيّة، كرمى للتفكر في ملكوت السماوات والأرض؟ على أبناء هذه الأمّة أن يداعبوا رؤوسهم «هرمنا»، من دون أن يسعدوا بتجليات الآية الحادية والتسعين بعد المئة من سورة آل عمران، وأن يصدحوا، بقليل ما أوتوا من العلم:«ربّنا ما خلقت هذا باطلاً».
منذ أشهر وجامعة أوتاوا الكنديّة، تشغل المجلاّت العلمية، بالهزّات التي أحدثها عالم الفيزياء الهندي الأصل: راجندرا كوبتا. قبل بضعة أشهر عرّج العمود على مفرقعات النظرية التي أتى بها، ومن الواضح أنها تثير جدلاً علميّاً متزايداً، وتتوسع في أوساط العلوم الكونية. نحن في العالم الإسلامي لا تبرّر تأخّرنا في هذه الميادين، لا الآية الكريمة: «وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً» (الإسراء 85)، ولا قول أبي العلاء: «وما العلماء والجهّال إلاّ.. قريبٌ حين تنظر من قريبِ».
المتعارف عليه هو أن المادّة السوداء تشكّل27% من الكون، بينما المادّة العاديّة لا تزيد على 5%، والباقي طاقة سوداء. القضية ليست بنت الأمس القريب، فهي تعود إلى سنة 1930، آنذاك اقترح العالم فريتز زْوِيكي، وآخرون، أن المادة السوداء اللاّمرئية يمكن أن تفسّر الكتلة الغائبة، غير المنظورة، في عنقود كوما المجرّي، الذي يضمّ قرابة مئة مجرّة. منذ ذلك التاريخ كثرت البراهين على وجود المادّة السوداء، خصوصاً منها منحنيات دوران المجرّات، ما يدلّ على وجود كتلة أكبر بكثير من مجرّد المادّة المرئية. تخيّل مثلاً، شاحنةً وزنها مع حمولتها ثلاثون طنّاً يجرّها حصان. سيقال: لا شك، ثمّة قوّة خفيّة تحرّكها.
مئة مجرّة لا يمكن أن تُحدث جاذبيتَها الخياليّة 5% من المادة المنظورة. «اقتناص» المادة السوداء أعسر من العسير، لكون هذه المادّة لا تتفاعل مع القوة الكهراطيسيّة، فهي لا تمتصّ الضوء ولا تعكسه ولا ترسله، لهذا هي من أكبر تحدّيات الفيزياء الحديثة. مأساة الفيزيائيين هي أنهم لا يعرفون شيئاً عن 95% من المادّة والطاقة في الكون. البروفسور كوبتا زاد الطين ألف بلّة، بمضاعفة ما مضى من عمر الكون، فهو يرفع سنّه إلى 26.7 مليار سنة. كأنه رأى أن 13.8 مليار سنة رمشة عين. هل اختلف الرقمان لدى جنابك؟
لزوم ما يلزم: النتيجة المقصودية: عنقود كوما المجريّ بعيد جدّاً، أصل الموضوع عنقود العرب، متى يلحق؟
التعليقات