دون شك أن شبكة المعلومات «الإنترنت» أحدثت قفزات في مسيرة البشرية، وأكثر المجالات تطوراً في هذا الصدد هو الإعلام، ومختلف أدواته، حيث بتنا نشاهد تطورات متتالية في هذه الصناعة. والحقيقة أنه حتى القنوات الإخبارية التي تبث على مدى الأربع والعشرين ساعة، خصصت أقساماً فنية، وظيفتها الاستقطاع من برامجها وإعادة بثها على مواقع أخرى على شبكة الإنترنت، أو على حسابات تلك القنوات في مواقع التواصل الاجتماعي، ثم الترويج لتلك المقاطع، بالإعلانات، بل إن كل وسيلة إعلامية يقترن نجاحها بقوة حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن المتوقع أن تتزايد الأهمية لمختلف حسابات ومواقع التواصل الاجتماعي، والمنصات المرافقة.

وكما نلاحظ، فإن هناك صناعة جديدة دخلت تتعلق بالتطبيقات التي يمكن تنزيلها على هواتفنا الذكية، وتضم عشرات العشرات من مواقع القنوات ومراكز الأخبار والصحف ووسائل الإعلام، ليسهل على الجمهور التنقل بينها، وهذا يوضح لنا شدة المنافسة، وقوتها، ودون شك أن الأكثر حضوراً، ونجاحاً، هو من يستطيع توظيف هذه التطورات لصالحه، ويستخدمها بمهارة وتفوق.

وأعتقد أننا بتنا نتداول ما يسمى بالإعلام الجديد، بينما التطورات المعلوماتية، والمخترعات التقنية، والثورة الاتصالية، سبقت هذا المفهوم، بل تجاوزته، حتى بات مفهوم الإعلام الجديد نفسه قاصراً عن الإلمام بما يتم فعلاً على أرض الواقع.

ولكم أن تتخيلوا أن حسابات فردية على منصات أو على مواقع التواصل الاجتماعي، تنافس قنوات فضائية في الجماهيرية، والتفاعل، ونقل المحتوى الخبري. وظهر مفهوم «مشاهير الميديا»، أو «مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي» الذين لا يخفى أثرهم، حتى أنه تم سن قوانين تنظم هذا المجال وتتعامل معهم وكأنهم كيانات وليسوا أفراداً. وهذا واحد من متطلبات الاتصالات الحديثة، والتي فرضها الواقع الجديد، وهي سن قوانين جديدة، وتشريعات تنظم هذا الزخم، أو تحاول.

ودون شك أن سبب هذا التوسع والانتشار يكمن في سهولة نقل المعلومات، وسرعتها، حيث يستطيع الفرد، في أي موقع، وبهاتفه الذكي تسجيل مقطع مصور قصير، وبضغطة زر، مشاركته على حساباته، أو يكتب رأياً في أي موضوع، دون أي حواجز أو موانع، وقوة هذه الآلية هي عموميتها وانتشارها.

في السابق كان الموضوع محصوراً بالصحفيين والمؤسسات الإعلامية، فقط، أما الآن فالوضع في تغير، ومسيرة التغير متواصلة، فهي مجرد بداية.

www.shaimaalmarzooqi.com