في بيت رفيع العِماد من بيوتات آل مكتوم صقور الصحراء وفرسان البلاد، وفي مضارب الطيب والعز والفروسية والكرم وُلدت سمو الشيخة هند بنت مكتوم بن جمعة آل مكتوم، حفظها الله، ونشأت بين أبوين كريمين غرسا في قلبها أروع مكارم الأخلاق وأنبل مشاعر العطاء، وسكبا في شخصيتها كل السجايا التي ستؤهلها لتكون في يوم من الأيام زوجاً لفارس دبي وشاعر الجزيرة وسيد الخيل والليل، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، لتخط معه وفي صحبته واحدة من أروع قصص البذل والعطاء.

ولتكون الزوجة الودود الولود التي أنجبت الفرسان وقدّمت للوطن خيرة الرجال، وفي طليعتهم سيد شباب الوطن سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي، الذي جعله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد سيفاً صارماً يصول به على الصعاب والملمات، فكان مع إخوته الكرام قرة عين لهذين الوالدين الكريمين الناهلَيْن مكارم الأخلاق، والساعيين في سبيل رفعة هذا الوطن وترسيخ مكانته بين الأمم والشعوب.

بنتُ الشيوخ وزوجُ الفارس العَلَمِ

صقر الرجال وبحر الجود والكرم

محمد الخير مَنْ زادتْ سعادتُهُ

بنجم حمدان فخر السيف والقلم

وكرفيقة درب نادرة الوفاء وعميقة الحضور والتأثير في المجتمع، انطلقت سمو الشيخة هند بنت مكتوم في بناء الوطن ودعم جميع الأعمال التي تهدف إلى الارتقاء بجميع أبناء الوطن بشكل عام، وبالمرأة الإماراتية على وجه الخصوص، فكانت خير عضيد ومُعين لجهود زوجها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي منحها كل الثقة والدعم والتحفيز على المعهود من سيرته الطيبة في صنع القادة المُلهمين، فوجدت في هذه الصحبة الكريمة خير عون لها وأكبر داعم.

بحيث أصبحت عميقة التأثير في مجموعة متميزة من المبادرات والنشاطات التي تعكس صدق إحساسها بالمسؤولية تجاه أبناء وطنها أولاً، ثم تجاه الإنسان في كل مكان، مقدمة بذلك النموذج القدوة الذي جعل منها سيدة دبي في البذل والريادة والعطاء، فهي من أكثر الناس رعاية للفقراء والمحتاجين وسد حاجة الجائعين.

ولذلك كانت على رأس القيادة في بنك الإمارات للطعام، حيث أطلقت قبل أيام قليلة مبادرة إنسانية تليق بأجواء هذا الشهر الكريم شهر الرحمة والإحسان حين قرّرت توفير خمسة ملايين وجبة من بنك الإمارات للطعام تكون عوناً لكل محتاج إلى لقمة الطعام في عصر تتضوّر فيه البطون الخاوية جوعاً في شتى بقاع الأرض.

فكانت مبادرة كريمة استرعت انتباه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي أشاد بسمو الشيخة هند وبمبادرتها الكريمة، ونشر تدوينة ثمينة عن شخصيتها الإنسانية الفريدة، باعتبارها رفيقة درب لشخصه الكريم ومصدر سعادة لأسرتها الشخصية والأسرة الإماراتية بكل أطيافها ممن يعرفون قدر هذه السيدة الجليلة، ويرون فيها قدوة اجتماعية تُلهمهم أروع دروس البذل والعطاء والمبادرة لفعل الخير ونشر ثقافة الإحسان.

وبموازاة هذه المبادرات التي تستهدف التخفيف من أوجاع الجياع والفقراء، فإن سمو الشيخة هند بنت مكتوم من الساعيات على الأيتام بكل ما في قلبها الطيب من الرحمة والشفقة على هذه الفئة التي فقدت والدها أو والديها واحتاجت إلى المؤسسات التي تؤويها وتضمن لها العيش الكريم بعيداً عن لعنة التشرد والضياع، فكانت لها البصمة الحقيقية في سد هذه الثغرة الإنسانية التي تضمن استقرار المجتمع الإماراتي، وإشاعة روح التعاون والرحمة بين جميع أبنائه، فكان لجهدها الكبير أعمق الأثر في تحقيق رؤى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في بناء مجتمع متماسك يتحمل المسؤولية الجماعية، ولا يشعر فيه فرد بالتشرد والضياع.

ولم تتوقف سمو الشيخة هند بنت مكتوم عند مسار واحد من مسارات فعل الخير والنهوض بالمجتمع، بل ما زالت هي المبادرة الكريمة لكل خير، فهي السباقة إلى بناء المساجد التي تقام فيها الصلوات، ويُذكر فيها اسم الله تعالى بالغدو والآصال، وهي المبادرة إلى طباعة كتاب الله تعالى وتوزيعه على المسلمين كإسهام مشكور في نشر أنوار القرآن بين أبناء المجتمع، فضلاً عن إنشائها إذاعة خاصة للقرآن الكريم، وهي الراعية الجليلة للمسابقات القرآنية التي تتميز بها دبي.

حيث تُولي اهتماماً صادقاً بنشر ثقافة العناية بكتاب الله تعالى بين جميع سكان المعمورة، حيث تستضيف دبي الأعداد الكبيرة من حُفاظ القرآن الكريم، وتمنحهم فرصة المشاركة في هذه المسابقة الرفيعة، التي أصبحت ملء السمع والبصر بفضل ما تتلقاه من دعم مباشر من لدن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وقرينته سمو الشيخة هند بنت مكتوم.

إن ما ذكرناه من نشاطات ومبادرات سمو الشيخة هند بنت مكتوم هو غيض من فيض، وقليل من كثير، وإلا فهي شخصية عميقة الحضور في جوهر الحياة، ولذلك احتفظت لها الذاكرة بكل هذه المناقب وهذه المبادرات، فنالت كل تكريم مستحق من قبل هيئات محلية ودولية محترمة، تقديراً لدورها الكبير وإسهامها الفاعل في تقدم الوطن والارتقاء بإنسانه، فنالت جائزة الشخصية القرآنية المتميزة قبل عدة سنوات ضمن الدورة الأولى لمسابقة الشيخة فاطمة الدولية للقرآن الكريم، ومُنحت جائزة المرأة العربية في العمل الإنساني للعام 2020.

وتم تتويج هذا التقدير لسمو الشيخة هند بنت مكتوم في هذه الأيام بفوزها بلقب شخصية العام الإسلامية، التي أعلنت عنها جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، والتي سبق لها اختيار شخصيات إسلامية كبرى ذات إسهام كبير في مجال العمل الإسلامي، حيث أعلنت اللجنة المنظمة لجائزة دبي الدولية للقرآن الكريم عن هذا الفوز الكبير لسمو الشيخة هند بنت مكتوم في الدورة السابعة والعشرين من المسيرة الكبيرة لهذه الجائزة الدولية المرموقة.

ثمّن القائمون على الجائزة الجهود الكبيرة التي بذلتها سمو الشيخة هند بنت مكتوم في مجال العمل الإسلامي والخيري والإنساني، حيث تميّزت سموها بالعطاء وخدمة كتاب الله تعالى ورعايته وتشجيع الناشئين على تعلّمه وحفظه وتدبّر معانيه، كما أمرت سموها بطباعة الآلاف من نسخ المصحف الشريف وتوزيعها على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

وكان أول إصدار علمي للجائزة على نفقة سمو الشيخة هند بنت مكتوم، التي استحقت هذا التكريم اعترافاً بهذا الحضور المتميز في مسيرة الجائزة، مع التنويه برعاية سموها للمسابقة المحلية للقرآن الكريم، التي تحمل اسم سموها «مسابقة الشيخة هند بنت مكتوم للقرآن الكريم»، التي تشمل جميع أبناء الوطن من الذكور والإناث، مع حرص سموها السنوي على تكريم الفائزين والعاملين في لجان التحكيم والإداريين والمتطوعين، إضافة إلى تبرع سموها الدائم بنفقات الحج لغير القادرين لأداء هذه الشعيرة العظيمة، فضلاً عن دعمها السخي لمبادرة أعراس دبي، حيث تدعم هذه المبادرة إيماناً منها بأن بناء الأسرة الصالحة هو أساس استقرار المجتمع وتنمية الحياة في جميع مساراتها الصحيحة.

إن الكلمات مهما كانت بليغة وكثيرة فهي تقف عاجزة عن إيفاء سمو الشيخة هند بنت مكتوم ما تستحقه من تقدير واحترام، فهي صانعة الحياة وواهبة الأمل وراعية كل خير، وقرينة لفارس دبي وباني نهضتها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي يفتخر بقرينته الجليلة ويرى فيها قدوة متميزة تستلهم منها الأجيال أروع دروس البذل والعطاء، في سبيل بناء مجتمع متماسك ينعم بحياة كريمة آمنة تليق بأبناء هذا الوطن الأباة الطيبين.