التحرش، بقدر ما هو سلوك قبيح وشائن مرفوض، فإنه يتعدى ضرره الفردي إلى الإخلال بسلم وطمأنينة المجتمع ما لم يتم ضبطه من خلال قوانين صارمة ورادعة لا تتهاون ولا تستثني أحداً متى ما تمت إدانته، وقد أحسنت الدولة بسنها نظام معاقبة التحرش، ووضعت له عقوبات تأديبية مغلظة منها التشهير بالإضافة إلى السجن والغرامة المالية، وقد أصبحنا نطالع مؤخراً أسماء المتحرشين بعد القبض عليهم في وقت سريع ليكونوا عبرةً لغيرهم، ولكي يعرف من تسول له نفسه ارتكاب هذه الجريمة أنه سيكون في قبضة العدالة بأسرع مما يتوقع.

الحقيقة أننا كنا في أمس الحاجة لهذا النظام، خصوصاً بعد الانفتاح الاجتماعي ودخول المرأة للفضاء العام وجميع مجالات العمل، والسماح لها بحضور كل الفعاليات الترفيهية والرياضية والفنية والثقافية، ومنحها حرية قيادة السيارة والتنقل والسفر، والتجول بمفردها في المواقع السياحية ومراكز التسوق. بالإضافة إلى ذلك فإن المملكة تستقطب الآن آلاف السياح من الجنسين أفراداً وعائلات، وتزداد فيها أعداد الأجانب القادمين من مختلف دول العالم للعمل، وهؤلاء جميعاً مثلهم مثل المواطنين والمواطنات يرتادون الأماكن العامة بمختلف أنواعها، ولذلك كان لا بد من حماية هذا المناخ الإنساني الجميل من التلوث الذي قد يحدثه التحرش من المتهورين غير الأسوياء سلوكياً ونفسياً وأخلاقياً.

إن انتظام الحياة الاجتماعية بأمان للمواطنين والمقيمين لا يتحقق إلا بأنظمة صارمة لضبط السلوكيات الشاذة، والذين قد يرون أن عقوبة التشهير بالمتحرشين فيها شيء من القسوة الاجتماعية عليهم، فذلك تعاطف خاطئ لأنهم لو احترموا المجتمع واحترموا أنفسهم لما حلّت بهم الفضيحة.