وعن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قبَّل النَّبِيُّ ﷺ الْحسنَ بنَ عَليٍّ رضي اللَّه عنهما، وَعِنْدَهُ الأَقْرعُ بْنُ حَابِسٍ، فَقَالَ الأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشرةً مِنَ الْولَدِ مَا قَبَّلتُ مِنْهُمْ أَحدًا، فنَظَر إِلَيْهِ رسولُ اللَّه ﷺ فقَالَ: مَن لا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ. متفقٌ عَلَيهِ.

وعن عائشةَ رضي اللَّه عنها قَالَتْ: قدِم ناسٌ مِن الأَعْرابِ عَلَى رسولِ اللَّه ﷺ فقالوا: أَتُقبِّلونَ صِبْيَانَكُمْ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قالوا: لَكِنَّا واللَّه مَا نُقَبِّلُ، فَقَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: أَوَ أَمْلِكُ إِنْ كَانَ اللَّه نَزعَ مِنْ قُلُوبِكُم الرَّحمَةَ. متفقٌ عَلَيْهِ.

بدأت هذه المقالة بحديثين عن محبة الأبناء أو الأحفاد، والحنو عليهم، وإحاطتهم بالرحمة المنبثقة من الحب الذي أسكنه الله في قلوب الآباء.. بدأت بهذا المدخل كوننا مجتمعاً مسلماً تشرب ولا يزال يتشرب تعاليم الدين الحنيف، تلك التعاليم التي غدت إيماناً، وسلوكاً نفاخر به شكلاً ومضموناً.. فمحبة الآباء لأبنائهم وبناتهم سلوك حميد..

وقد أُصبت بصدمة عنيفة وأنا أقرأ تغريدة لأحد شواذ الفطرة الإنسانية، حين غرد بمقطع فيديو لأب يسير مع ابنته، غادقاً عليها حنانه، وحبه، فلم يكن من معتل الفطرة إلا أن نشر المقطع تحت عنوان (انتشار زنا المحارم في السعودية)، وقذف الأب بصفة تُعد من أبشع أنواع القذف، حين قال القاذف إن مواطناً سعودياً يتحرش بابنته ويقوم بتصوير المقاطع ونشرها بهدف نشر الرذيلة والفاحشة في المجتمع ! كيف وضعه داخل المنزل معها !

هذا القاذف أحقر من الحقارة نفسها، ويعد بؤرة تنز حقداً وبغضاء للبلد وأهله، ومحرضاً سفيهاً على حياتنا الاجتماعية، قام بعملية القذف لإيغار الصدور ضد كل فرد من أفراد المجتمع.. والمقطع المنشور كان لأب أظهر حباً عميقاً لابنته، وجل الآباء يمارسون حبهم لبناتهم، إلا أن القاذف بخبثه وحقارته أراد تحويل المقطع إلى إثارة (ترند) من خلال الكتابة المشينة لعلاقة حب إنسانية بين أب وابنته.

وكثير من أصحاب الردود التي علقت على التغريدة تفهموا أن التغريدة الشائنة مستهدفة المجتمع السعودي، وتحويل الحالة الصحية التي يعيشها المجتمع إلى التصيد، والتحريض ضد حياتنا السامية، الصحية. تلك التغريدة ضمن محاولات المحرضين لاستمالة أعداء الوطن إلى تكثيف وجمع المشاعر للتأليب علينا، ومن البدء يتكشف أن التغريدة تحريضية.

وما جاء في مقطع الفيديو (المنشور) ما هو إلا سلوك أي أبٍ سوي مع أبنائه، فحب الأبناء فطرة أسكنها الله قلوب الآباء، بينما الله وصى الأبناء ببر والديهم، فحب الأبناء للآباء ليس فطرة ساكنة في القلوب... وحين يُفْرِط الأب في حب أبنائه فهذا الإفراط لا يُعد عيباً، وأحياناً يكون في منتهى اللطف، والمحبة.

وتعليقي في هذه المقالة هو تنبيه لكل إنسان يصدق كل شيء يقرأه، أو يشاهده على أن تلك هي حقيقة تسير بعجلتها على قضبان الكلمات المكتوبة بجوار أي صورة أو فيديو معروض، فالقاذف أراد أن تكون كلماته هي الحقيقة.

أخيراً، حبنا لأبنائنا رحمة ألقاها الله في قلوبنا، ومن نزع الله منه هذه الرحمة فلا يلوث سمعة المجتمع والناس بقسوته التي استوطنت قلبه.