كان العام 2023 لحظة فاصلة لتنظيم الذكاء الاصطناعي. يكشف التحليل الشامل لمؤشر الذكاء الاصطناعي للتشريعات في 128 دولة من عام 2016 إلى عام 2023 عن التزام عالمي مزدهر بإدارة الآثار العميقة للذكاء الاصطناعي. في الولايات المتحدة، ارتفع عدد اللوائح المتعلقة بالذكاء الاصطناعي ارتفاعاً كبيراً، من مجرد لائحة واحدة في العام 2016 إلى 25 بحلول العام 2023. تعكس هذه الزيادة الحادة، التي تشمل نموا بنسبة 56٫3 ٪ في العام الماضي فقط، صحوة حاسمة بين صانعي السياسات الأمريكيين على الحاجة الملحة للرقابة في هذا المجال سريع التطور.

في أوروبا، السيناريو التشريعي ديناميكي بالقدر نفسه. يعكس الاتحاد الأوروبي، الذي شهد زيادة اللوائح المتعلقة بالذكاء الاصطناعي بزيادة من 22 إلى 32 بين العام الماضي مقارنة بالذي قبله، رغم عدم وصولها إلى ذروة 46 لائحة في العام 2021 الذي خطط لها، مما يؤكد ما في تنظيم التقنية التحويلية من تعقيد. يدل سن الاتحاد الأوروبي لقانون الذكاء الاصطناعي الرائد، المقرر تنفيذه في العام 2024، الذي تزامن مع الأمر التنفيذي الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي بايدن بشأن الذكاء الاصطناعي، على جهود تنسيقية قوية بين شطي المحيط الأطلسي لتشكيل مسار تطوير الذكاء الاصطناعي ونشره. تؤكد هذه الإجراءات التاريخية على التزام مشترك بإنشاء إطار يضمن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تعزز الرفاهية المجتمعية وتخفف المخاطر الكامنة.

من منظور عالمي، كانت كندا رائدة في المشهد الوطني لاستراتيجية الذكاء الاصطناعي بإطلاق استراتيجيتها الأولى في مارس 2017. منذ ذلك الحين، ازدهر المشهد باستراتيجيات الذكاء الاصطناعي الوطنية، حيث كشفت 75 دولة النقاب عن خططها حتى العام الماضي. كانت ذروة هذا النشاط في العام 2019، مع تقديم 24 استراتيجية في عام واحد. العام الماضي وحده، ظهرت ثماني استراتيجيات جديدة من بلدان في المنطقة العربية وأفريقيا، مما يدل على اتساع رقعة صنع سياسات الذكاء الاصطناعي.

لا تقتصر الزيادة في المصلحة التشريعية على اللوائح وحدها. في الولايات المتحدة، اقترح المشرعون الفيدراليون 181 مشروع قانون متعلق بالذكاء الاصطناعي في العام الماضي - أكثر من ضعف العدد عن العام الذي سبقه. تشير هذه النزعة التشريعية إلى تأثير الذكاء الاصطناعي المتصاعد على الأجندات الوطنية وتأثيره المتصور على كل جانب من جوانب الأداء المجتمعي، من الخصوصية والأمن إلى التوظيف والأخلاق.

هذه التطورات ليست مجرد توسعات بيروقراطية، إنها تمثل تطوراً حاسماً في استراتيجياتنا للحوكمة العالمية. مع دخول تقنيات الذكاء الاصطناعي بعمق في حياتنا، تصبح الأطر التنظيمية المتماسكة والموحدة ضرورة لا تنكر. باختصار، كان العام الماضي عاماً من المشاركة التشريعية الكبيرة مع الذكاء الاصطناعي ممثلاً بداية ما يجب أن يصبح جهداً عالمياً مستداماً للتنقل في المشهد المعقد للذكاء الاصطناعي.