عندما يفشل «السياسي» في قراءة الرسائل وفهم الواقع ومعرفة اتجاه الرياح، يفقد قدرته على ممارسة العمل السياسي، بل إنه يكون عبئاً على الإصلاح ومعولاً للهدم مما يفقده صفة خدمة المجتمع !

عانت معظم الدول العربية من نماذج سياسية سيئة، بعضها حملتها الدبابات إلى السلطة وبعضها العصبيات القبلية أو الطائفية، وبعضها الحظ والخطابات العاطفية التي تداعب مشاعر الجماهير، والنتيجة كانت انهياراً في بناء الأوطان كما حصل في الدول العربية التي عانت من الانقلابات العسكرية وحكم الديكتاتوريات، ودول مارست ديمقراطية عرجاء أضاعت الطريق وتخلفت عن الركب، وفشلت التجارب في منحها حكمة تصويب المسار !

وحدها الدول التي حظيت بعلاقة متكاملة ومتجذرة بين السلطة والشعب نجحت في اجتياز العقبات وصنعت حاضراً مزدهراً يقدم لها شهادة التاريخ التي لا يصنعها تزوير ولا ينكرها واقع !

دول الخليج العربية قدمت نموذجاً لمثل هذه العلاقة، سخرت فيها الثروات للتنمية وتحقيق الرفاهية والاستقرار والأمن، كما أن وجود الحكماء الذين يعيدون تصويب البوصلة وتصحيح المسار عندما يحصل الانحراف هو من رحمة الله بهذه الدول وشعوبها، بينما نجد شعوب دول عربية أخرى امتلكت نفس الثروات غارقة في البؤس والشقاء !

أما من لا يعجبه ذلك ويبحث عن سراب لا يجده حتى في ديمقراطيات الغرب التي يمتدحها نهاراً ويشتمها ليلاً فهم غربان دمار، بدليل مواقفهم المشجعة لفوضى الخريف العربي وأحداث غزة والعراق ولبنان واليمن وكل بؤرة عربية يشتعل فيها حريق أو يُشعل فتيل !

لن نسلم حاضرنا ومستقبلنا لسذج يطاردون سراباً لنندب حظنا لاحقاً عندما يفيقون من سذاجتهم، ولا لأشرار يتقمصون الشعارات الزائفة ويمتطون النيات الخبيثة لتحقيق مصالحهم الشخصية، فلدينا تحدٍ من الذات وسباق مع الزمن لمواصلة مسيرة النماء والبناء والحفاظ على الأمن والاستقرار !

باختصار.. لم تكن الديمقراطية يوماً شريعة سماوية مقدسة، ولم تكن وسيلة للهدم وخلق الفوضى وتعطيل التنمية وإلقاء المستقبل في أحضان المجهول !