في ظل التطورات السريعة في مجال التكنولوجيا على الصعيدين الوطني والعالمي، أصبحت تقنيات الجيوسبيشل (Geospatial) تلعب دورًا أساسيًا في تحقيق التطور والنمو الشامل في مختلف القطاعات، تتعرف الجيوسبيشل ببساطة على أنها جمع وتحليل البيانات المكانية المتعلقة بالمواقع الجغرافية المحددة على الأرض، وتشمل هذه التقنيات تكنولوجيا نظم المعلومات الجغرافية (GIS)، واستشعار البعد الثالث، ورسم الخرائط، وغيرها من الأدوات التي تسهم في فهم وتحليل الظواهر والعمليات المكانية.

تعتبر المملكة العربية السعودية من الدول الرائدة في الشرق الأوسط في تبني وتطوير تقنيات الجيوسبيشل، وذلك كجزء من جهودها لتحديث البنية التحتية وتعزيز الكفاءات الإدارية والتنموية، إن الاستثمار في هذا المجال يأتي في إطار الخطط الاستراتيجية للمملكة لتوظيف التكنولوجيا المتقدمة في خدمة التنمية الشاملة والمستدامة.

ويُظهر توجه المملكة نحو الاستثمار في تقنيات الجيوسبيشل التزامًا راسخًا بالتطور التكنولوجي ودعمًا فعّالًا للابتكار. حيث يشمل هذا التوجه تأسيس مراكز بحثية متقدمة وشراكات مع شركات تكنولوجيا عالمية لتطوير حلول الجيوسبيشل في مختلف القطاعات مثل الصحة، والتعليم، والطاقة، والمواصلات.

وتأتي هذه الجهود في إطار الرؤية الطموحة للمملكة التي تهدف إلى بناء اقتصاد معرفي قائم على التكنولوجيا والابتكار، قدمت حكومتنا الرشيدة العديد من البرامج والمبادرات لتعزيز القدرات الوطنية في مجال الجيوسبيشل، وشملت هذه الجهود تمويل البحوث والتطوير، وتأسيس مراكز الابتكار المتخصصة، وإطلاق مشاريع تعاونية مع مؤسسات دولية لنقل الخبرات والتقنيات.

وإلى جانب ذلك، فإن تطوير الكفاءات البشرية المتخصصة في هذا المجال يأتي على رأس الأولويات، حيث قامت المملكة بإطلاق برامج ابتعاث كبيرة تستهدف أعرق الجامعات العالمية لتأهيل جيل جديد من الخبراء في مجال الجيوسبيشل. وقد تم إدراج الجيوسبيشل كمادة دراسية في المناهج الجامعية وحتى المدارس لتعزيز الوعي والمهارات المتعلقة بهذا المجال منذ المراحل الأولى من التعليم.

تركز الجهود السعودية في تطوير مجال الجيوسبيشل على تعزيز الاقتصاد الوطني وتحسين الخدمات الحكومية والخاصة، وزيادة كفاءة التخطيط والتنفيذ للمشاريع الكبيرة. وتلعب هذه التقنيات دورًا حيويًا في تحسين الإدارة البيئية والموارد الطبيعية، وتعزيز قطاعات مثل الزراعة، والمياه، وإدارة الكوارث، مما يساهم في تعزيز الإنتاجية والكفاءة الاقتصادية.

ومن خلال هذه الجهود الرامية لتطوير قدراتها التكنولوجية والاستثمارية في مجال الجيوسبيشل، تستمر المملكة العربية السعودية في تعزيز مكانتها الدولية وتفتح آفاقًا جديدة للتطور والازدهار في مختلف القطاعات.