يتحسر البعض على فرص "الطفرة" الاقتصادية قبل نحو خمسة عقود، تلكم الفترة التي شهدت ارتفاع أسعار النفط الصاروخي من دولارات معدودة إلى 35 دولاراً! وأنها كانت فرصة تاريخية للثراء، وأن من لم يغتنِ تلكم السنوات فلن يستطيع مهما فعل واجتهد!

دعني أخبرك أن ما نعيشه اليوم من نتائج رؤية المملكة 2030، والتغيرات المتسارعة الاقتصادية والاجتماعية تتفوق بمراحل على فرص "الطفرة" السابقة! والشواهد على ذلك متعددة وواضحة، فقط تحتاج من يُشمر عن ساعديه ويتوكل على الله ويعمل حتى يحقق أهدافه، التي سُهلت دروبها وتنوعت خياراتها "اليوم" أكثر من أي وقت مضى.

جوهر رؤية المملكة الحالية هو تقليل الاعتماد على النفط عبر الاستثمار في قطاعات مختلفة، وهو الهدف الجوهري للخطط الخمسية السابقة، لكنها اليوم تتحقق نظراً لارتباطها برؤية واضحة ومشاريع طموحة، أدى ذلك إلى ضخامة الفرص المرتبطة بذلك، سواء على مستوى الوظائف ذات الدخل المرتفع، أو فرص تنفيذ المشاريع مباشرة أو عبر عقود الإسناد. فلك أن تتصور محيط الفرص الضخم في مشاريع "القدية" و"نيوم" و"الدرعية" و"العلا" و"البحر الأحمر"، وغيرها، وبالطبع ما يتفرع عنها من مشاريع اقتصادية غير مباشرة، لخدمة العاملين ومنسوبي تلكم المشاريع الضخمة، وما يتبع ذلك من تحفيز سلاسل الإمداد.

إنشاء هيئات تطوير المناطق والمدن، التي لم تقتصر على المدن الكبرى كالرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة، بل إلى الطائف والأحساء وينبع وأملج والوجه وضباء، عزز ذلك شركة داون تاون التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، التي سوف تطلق مشاريع مراكز حضرية ووجهات في 11 مدينة، منها بريدة ونجران وجيزان وحائل، والباحة، وعرعر، ودومة الجندل، وتبوك! ومن نافلة القول إنه هذه الخطوات تأتي متخمة بالفرص المتنوعة.

إلى صندوق الاستثمارات العامة، الذي ومنذ إعادة إطلاقه عام 2017 أسس الآن 93 شركة، وساهم في استحداث أكثر من 644 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة في مختلف القطاعات الاستراتيجية الواعدة. ناهيك عن تأسيسه الإدارة العامة للتنمية الوطنية بهدف تعزيز الأثر الاقتصادي لاستثمارات الصندوق ورفع مشاركة القطاع الخاص في مشاريع وشركات الصندوق.

إلى النشاط الاقتصادي الجديد: السياحة، والذي تصدرت فيه المملكة دول مجموعة العشرين والمركز الثاني عالمياً في نسبة نمو السياح الدوليين، وما يتبع ذلك من فرصٍ على كافة المستويات وأغلب القطاعات، إلى الفعاليات الرياضية، التي أضحت مدن المملكة تتنافس في استضافتها، وما يصاحبها من نشاط اقتصادي، إلى الفعاليات الترفيهية ومواسم المدن، التي فتحت الباب للمطاعم والمقاهي والمسرحيات والأمسيات والعروض والحفلات، إلى توسّع الابتعاث النوعي خارج المملكة، الذي أتاح الفرصة لدراسة تخصصات جديدة.

كل هذه النهضة الواسعة صاحبها تطور تشريعي وتمكين للشباب، أوليست فرصنا اليوم أكثر تنوعاً؟ وأوسع شمولاً؟ ناهيك عن تجددها واتساعها كل يوم. صديقي لا تكن ممن يغفل فرصك اليوم في حاضرٍ مزدهر ومستقبلٍ واعد.