يمكن تعريف الحظ بأنه عقد قِران ولقاء بين الجاهزية والفرصة، بمعنى آخر أن تكون مستعداً بأدواتك وتقابل الفرصة المناسبة وتغتنمها، ولم يثبت في العلم ما يسمَّى بالمصادفة والعشوائية، بل هو الحظ سواء أدرك الإنسان ذلك أو لم يدرك.

وعلى الإنسان أن يبحث عن حظه في هذه الدنيا، وهو الترجمة الحرفية لمفهوم الانتشار في الأرض والمشي في مناكبها من أجل البحث عن الرزق، وقد ربط الله -جل وعز- الانتشار في الأرض والمشي فيها بالرزق.

نعم؛ منذ ولدت وأنا محظوظ ولكن؛ عندما اتبعت بعض الإجراءات التي بلغت 20 إجراءً، زاد حظي حسناً وجمالاً ويسراً وتوفيقا، وفي ذلك قلتُ:

إني سعيد لأن الحظ يمنحني من «طاقة الحسن» تيسيراً وتوفيقاً!

لقد طبقت هذه الإجراءات فتغير حظي إلى الأفضل والأجمل والأمثل، وهذه الإجراءات الـ20 هي:

1- استحضار النية الصالحة والإخلاص لله وطلب العون منه، لأن الإنسان مهما اجتهد ولم يطلب العون فلن ينجح، قال الشاعر:

إذا لم يكن عَوْنٌ من الله للفتى

فأوَّلُ ما يجني عليه اجتهادُهُ!

2- الاستعداد لاستغلال الفرصة ودفع ثمن اغتنامها، والتحلي بروح المغامرة المحسوبة والشجاعة المطلوبة، وفي الأمثال يقولون: الحظ حليف الشجعان.

3- تنمية المهارات الملائمة للفرص التي أبحث عنها «العمل الجاد».

4- الإيمان بالحظ، وهو ما يسمى «التوفيق والتيسير والبركة واليسر والتساهيل وفتح الباب من الله -جل وعز.. إلخ»، لأن الحظ سلسلة إذا بدأت تدفقت، وفي ذلك يقول المفكر نورمال فينسنت بل: «إذا رسمت في عقلك صورة لآمال مشرقة وسعيدة، فإنك بهذا الشيء تهيئ نفسك وتساعدها لبلوغ أهدافك».

5- مصادقة المحظوظين، وفي ذلك يقول علي بن أبي طالب: «شاركوا الذين قد أقبل عليهم الرزق، فإنه أخلق للغنى، وأجدر بإقبال الحظ»، لأن الحظ يعدي كما يعدي الجرب.

6- جرب أشياء جديدة، واذهب مع طرق لم تذهب معها من قبل.

7- تقدير واحترام الشبكات الاجتماعية التي تحيط بي، بقصد تبادل الخبرات والنظر إليها كعلاقات تدعم مهاراتي، على سبيل إثراء تجاربي وإغناء معلوماتي هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى نوعت شبكة علاقاتي بحيث جعلتها متعددة الأطراف:

شبكه ذات طابع اقتصادي

شبكة ذات طابع فكري

شبكة ذات طابع إعلامي

شبكة ذات طابع رياضي

شبكة ذات طابع فكاهي.. إلخ

وللعلم إن أغلب الدراسات التي تتحدث عن الحظ تقول: «إن الإنسان يستفيد من الصدقات الضعيفة، والمقصود بالضعيفة هنا الصدقات البعيدة».

8- التحدث إلى نفسي وعن نفسي بطريقة إيجابية، والتغزل بالحظ الذي أتمتع به، وفي هذا الحديثِ يقولُ رسولُ اللهِ ﷺ: «إنَّ اللهَ يحِبُّ أنْ يَرَى أثَرَ نِعْمتِه على عبْدِه».

فاحذر الحديث إلى نفسك أو عن نفسك بطريقة سلبية، مثل: «أنا حظي تعيس، أو حظي سيئ أو رديء».

9- إحسان الظن بالله وظني أن الله يرزقني الحظ الحسن، وفي الحديث القدسي: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فليظُنَّ بي ما شاء».

10- تحديد أولوياتي واهتماماتي، والذهاب إلى أماكن الفرص التي أبحث عنها وأتوقع أن أجد فيها هذه الأولويات والاهتمامات، مثلاً: إذا أردت شراء سيارة ذهبت لمعارض السيارات.. وهكذا لم أنتظر الفرص بل ذهبت إليها.

11- إشعال قناديل الحماسة والحيوية والشغف في كل مرحلة من مراحل الأعمال التي أقوم بها، من أجل استدعاء الحظ الجيد وقبلها إتقان العمل الجاد بإخلاص.

12- وجود أهداف متعددة أسعى إلى تحقيقها وقياس مدى إنجازي في كل هدف، وتحري الخير والحظ الحسن، قال رسول اللهِ ﷺ: «ومَنْ يَتَحَرَّ الخَيْرَ يُعْطَهُ، ومَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ».

13- الفرح بنجاح الآخرين، لأنك إذا فرحت لهم سيرتد الفرح عليك فالجزاء من جنس العمل، قال صلى الله عليه وسلم: «لا يُؤْمِنُ أحدُكُم حتى يُحِبَّ لِأَخِيهِ ما يُحِبُّ لنفسِهِ من الخيرِ»، والدعاء لهم بالتوفيق والبركة بظهر الغيب، وفي الحديث الصحيح يقول ﷺ: «ما من مؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك الموكل: آمين ولك بمثله».

14- الحياة أخذ وعطاء، وإذا قدمت المساعدة للغير وأنفقت مما أحب، وجدت من يساعدني وكما تدين تدان، لقوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}.

وقديماً قال الشاعر:

يجود علينا الخَيِّرون بمالهم

ونحن بمالِ الخيِّرين نجودُ

ويقول زيج زيجلار: «إنك تستطيع الحصول على كل شيء تريده في الحياة إذا قمت فقط بمساعدة عددٍ كافٍ من الآخرين للحصول على ما يريدونه».

15- تطبيق نظرية التعلّم المستمر، لأن العلوم تتجدد، وعلى الإنسان الذي يطلب الحظ الحسن أن يتجدد معها، لذلك ألزمت نفسي بتحديث مهاراتي ومعلوماتي بشكل مستمر، مطبقاً نظرية طلب العلم من المهد إلى اللحد.

16- الاستفادة القصوى من تجارب الماضي والتعلم من الأخطاء وعدم اليأس من المحاولة، مع إدراك أن الإخفاق إحدى المحطات التي تؤدي إلى النجاح، والفشل الحقيقي هو التوقف عن المحاولة.

17- التوقف عن سماع الأغاني التي تكرس مفهوم الحظ غير الجيد وتطرد الحظ الجيد مثل: أغنية أحمد سعد التي يقول فيها: «اختياراتي مدمرة حياتي»، أو أغنية طلال مداح -رحمه الله- التي يقول فيها: «كل ما دقيت في أرضٍ وتد.. من رداة الحظ وافتني حصاة». لأن تكرار التذمر والتشكي من سوء الحظ باستمرار يقود إلى الحظ النحس، وفي المقابل علينا التغني بالقصائد والأبيات التي تعزز جلب الحظ السعيد مثل: أغنية عبدالمجيد عبدالله التي يقول فيها: «سعيد الحظ قلبي عرف يختار حب.. أيامي مشت بي على مشوار دربك»، أو أغنية محمد عبده التي يقول فيها: «الحظ الليلة كريم محبوبتي معزومة من ضمن المعازيم»، أو كما يقول أبو سفيان العاصي:

إني سعيد لأن الحظ يمنحني

من طاقة الحسن تيسيرا وتوفيقا

18- صرف الانتباه الشديد لاصطياد الفرص حين تمر، ولعلي أطرح مثالا، وهو حديث «لقد سبقك بها عكاشة»، حيث استثمر هذا الصحابي الجليل الفرصة قبل غيره. وفي ذلك يقول الشاعر:

إِذا هَبَّت رِياحُكَ فَاِغتَنِمها

فَعُقبى كُلّ خافِقَةٍ سُكونُ

19- الاحتفاظ بالتفكير الإيجابي والتوجه الذهني السليم، لأن الإنسان سيجذب ما يفكر به، وفي ذلك يقول براين تريسي: «الإنسان كالمغناطيس يجذب إليه الظروف والأشخاص والأحداث التي تتناسب مع طريقة تفكيره».

20- نظرت إلى الحظ كمعادلة أبحث عن حلها، ووجدت أنها معادلة تشبه النظر إلى المرأة ثم الانتقال إلى خطبتها، ثم الزواج منها، مثلما قال أحمد شوقي:

نظرة فابتسامة فسلام

فكلام فموعد فلقاء

لذلك؛ استدرجت الحظ بخطوات 6 وهي:

1- النظر إلى الحظ

2- إرسال الابتسامة إليه

3- السلام عليه

4- الكلام معه

5- أخذ الموعد منه

6- الالتقاء به

حسناً ماذا بقي:

بقي القول: هذه 20 خطوة استخدمتها في جلب واستضافة الحظ السعيد، والحمدُّ لله أنها نجحت معي، وهي بين أيديكم الآن لمن أراد أن يجربها، جعلني الله وإياكم من أصحاب الحظوظ السعيدة، أما إذا جربتموها ولم تعمل معكم، فاعلموا أن بينكم وبينها مانعاً وحائلاً، وقد قال الخطيب جلال الدين القزويني:

«الإنسان كالمغناطيس جاذبٌ بِطبعه، فإذ لم يجذب فإنما كان ذلك بسبب حائل بينه وبين ما يجذبه».