تتوالى الاعترافات بالدولة الفلسطينية، حتى وصلت إلى 145 دولة من أصل 193 دولة "الأعضاء في الأمم المتحدة"، تلك الاعترافات تؤكد أن جل دول العالم اعترف بحق الفلسطينيين أن تكون لهم دولة مستقلة ذات سيادة، وهو تكريس لحل الدولتين الذي لا تزال إسرائيل ترفضه وتعتبره تهديداً لأمنها، بل لوجودها، رغم أن حل الدولتين هو تكريس لمبدأ الأرض مقابل السلام، لكن المشكلة أن إسرائيل تريد أن تجمع بين الأرض والسلام، دون أي اعتبار لإقامة الدولة الفلسطينية.
الاعترافات المتوالية بالدولة الفلسطينية جاءت لتؤكد أن عالم اليوم غير عالم الأمس، فبالأمس كانت كثير من الدول لا ترى أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية أمراً ذا أهمية، وربما اعتبرته شكلياً خالياً من المضمون، ولا يحقق الأهداف التي دعت إلى طرحه، لكن عالم اليوم أصبح مختلفاً لأسباب عديدة، نذكر منها: التحركات العربية الإسلامية التي تقودها المملكة، وكانت نتائجها ملموسة، وتطلبت جولات مكوكية بين العواصم العالمية، وأدت إلى الاعترافات التي حصلت مؤخراً، كما أن المجازر الإسرائيلية التي حدثت في غزة - ولا تزال - والتي بلغ عدد ضحاياها حتى الآن أكثر من 36 ألف شهيد جلهم من النساء والأطفال ألبت الرأي العالمي، وأصبحت الشعوب أكثر نضجاً في معرفة الحقيقة التي تم تغييبها ردحاً من الزمن، وتم قلب الحقائق بأن أصبح الجلاد هو الضحية، الآن اختلف الأمر وأصبحت الحقائق واضحة، والتعاطف مع القضية الفلسطينية سيداً للموقف.
الحكومة الإسرائيلية أصبحت في مأزق لا تعرف كيفية الخروج منه، فهي إما أن تستمر في حربها والتي لا تعرف ما ستكون نتائجها، خاصة وسط معارضة متزايدة في الداخل الإسرائيلي تطالب بإقالتها، وإما أن تسلك طريق السلام الذي هو الخيار الأمثل لجميع أطراف العملية السلميّة، وتكون بذلك قد كسبت الشيء الكثير، وهو ما قد لا تستطيع تعويضه حال جعلت من الاستمرار في الحرب خيارها الأول.
التعليقات