الهدف من ندوة (تأثير الإعلام في القيم المجتمعية والأسرية والهوية الخليجية)، في المنتدى الإعلامي في المنامة، جاء واضحاً. نعم، فالمجتمعات الخليجية بحاجة لوقفة جادة أمام التحديات لحماية هويتها وثقافتها. الحدث لم يكن عادياً، فقد حضره الدكتور رمزان عبدالله النعيمي وزير الإعلام، وأصحاب المعالي وزراء الإعلام العرب، وأيضاً معالي جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون احتفالاً بجائزة "الدانة للدراما".

ناقش المجتمعون بأسلوب واضح الملف الشائك للدعاية الإعلامية الخارجية المُفتعلة. السؤال الهام الذي تم طرحه هو، أين هي الهوية الخليجية الأصيلة؟ لا شك أن المحافظة على الهوية هي مسؤوليتنا جميعاً، وبدون ذلك لا يمكن تعزيز قيم الانتماء والولاء للوطن. وكما أن للثقافة أثراً هاماً في مساندة مسيرة التنمية، كذلك فإن المشاركة الراقية للإعلاميين من كافة أنحاء العالم العربي لها دور شديد الأهمية في بناء الوعي وفي طرح رسالة الفن، وأقصد الفن المُهذب. هذا ما أكده قادة المؤسسات الصحافية وأبرز الكُّتاب وصُناع المحتوى ورواد الفكر في الخليج والعالم العربي في ندوة البحرين، أي النخب الأهم والأعمق تأثيراً في معادلة التطوير.

هكذا يتم تبادل الآراء بصراحة وإيجابية، ومناقشة أهم التطورات التي تشهدها المنطقة العربية والعالم على أسس مهنية وموضوعية. هكذا يتم بناء جسور التعاون، وتبادل الخبرات، وتجديد الحوار بأسلوب مبتكر وفكر منفرد. أتحدث هنا عن الخبرات الإعلامية الثرية، وكيف نجحت البحرين بإيضاح المحتوى والمضمون، ومناقشة المستجدات المتلاحقة بعيداً عن المناكفات الهوجاء الإقليمية. هكذا يتم اكتشاف فرص جديدة لتطوير الإعلام، وتشجيع الحوار المؤدب الهادف، في محفل حيوي هدفه النقاش الجاد. هكذا يتم تحفيز المشاركة المتألقة والفكر المتميز، في التعامل بوضوح مع المتغيرات الدولية. بإختصار، نجح اجتماع المنامة بوضع تصورات واقعية لمستقبل قطاع الإعلام، وإيجاد بيئة خصبة ومثمرة في عصر التنافسية اللاهثة.

المنتدى الخليجي الاعلامي لم يكن ملتقى دعائياً لمجرد إلتقاط الصور التذكارية، بل التجمع الإعلامي الأكبر من نوعه ومحتواه في المنطقة. المنتدى ليس مناسبة استعراضية فضفاضة خالية من المضمون، بل محفل كريم ومُحَفِز للشباب للمساهمة في بناء وطنهم، وتعميق ارتباطهم بهويتهم. لم يسع المشاركون لإكتساب الشهرة عبر النقاشات السلبية بين الردح والردح المضاد أو تبادل التهم المستهلكة، بل ناقشوا واقع ومستقبل الإعلام في العالم العربي بأسلوب راقي وحرفية. هذا هو الأسلوب الذي يليق بمكانة الحدث كأكبر تجمع إعلامي من نوعه في الوطن الكبير. لم يتضمن منتدى البحرين محاضرات مملة أو جرعات مكررة ومكثفة من الجدل العقيم، بل ناقش كيفية النهوض بقدرات الإعلام العربي بطرق موثوقة ومبدعة تعكس الإعلام الإيجابي الهادف. بإختصار، لم تكن (القشور) الشغل الشاغل للحضور، بل ركز المشاركون على مناقشة المتغيرات المؤثرة على مستقبل الإعلام العربي.

آخر الكلام. التهاني القلبية للبحرين الشقيقة، جوهرة الخليج، لحصولها على لقب عاصمة الثقافة العربية في عام 2012، وعاصمة السياحة العربية عام 2013، وعلى المرتبة الثانية على مستوى الدول العربية والثالثة على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في مؤشر تنمية الشباب العالمي 2023، وأيضاً بمناسبة اختيار المنامة الغالية عاصمة الإعلام العربي 2024.