في المسؤولية المجتمعية، قليلاً ما نرى شركات كبرى تقدم خدمات تطوعية جليلة في المجتمع، رغم أن الكثير منها حصل على بيئة اقتصادية مشجّعة لبناء مشاريعها، والمضي قدماً بتجارتها وعملها المربح، فيما أن الكثير من الفئات والبرامج تنتظر دعم القطاع الخاص الممنهج والمتكامل، ولا تقتصر المسؤولية المجتمعية على القضايا والمشاريع الخيرية خارج الدولة، إنما الكثير من المشاريع في الدولة تنتظر من يقدم لها باب الدعم فقط، لتنطلق وتضيف خدماتها للمجتمع.
ثقافة المسؤولية المجتمعية يمكن أن تنطبق على الشركات الصغيرة، وحتى على المشاهير ممن صعدوا بإعجاب من المجتمع عبر أنشطتهم على مواقع التواصل، والمنصّات الرقمية، وأبواب المسؤولية المجتمعية هنا متفاوتة ومختلفة، بحسب مقدار معارفهم وإمكاناتهم المادية، فالشركات الصغيرة والشخصيات ممكن أن تبدأ بتبنّي الطلبة المتميزين في مجال معين، سواء في البرمجة أو التصميم أو التصنيع، وفتح آفاق جديدة لهم، وكذلك تبنّي دعم أصحاب الهمم في أماكن العمل، وتقديم الدعم لهم لتسهيل اندماجهم وسط بيئة العمل، وتبنّي حتى تدريبهم في الأوقات الصيفية.
ونحن على أعتاب الإجازات الصيفية للطلبة، وجيد لو فتحت لهم شركات القطاع الخاص من باب المسؤولية المجتمعية أبوابها، لتدريب الطلبة التطوعي لمدة محددة، منها يستفيد الطلبة من التعرف إلى بيئة العمل، ومنها تستفيد منهم بوصفهم كوادر جديدة، يمكن أن تضيف ما تعلمته وتطبقه، من دون أن يتحمل أي من الطرفين كلفة مادية قاسية، وكثير من الشباب والشابات لديهم طاقات إبداعية في العمل، خاصة مع جيل اليوم المتفرّغ للتقنيات الحديثة والبرامج السهلة، ويمكن أن تستفيد منهم جهة العمل ترويجاً لها على المدى البعيد.
وهنا يأتي دور الجهات الحكومية في كل إمارة، لاسيما الجهات المتخصّصة بقطاع الأعمال، لتراقب الشركات والشخصيات الذين قدموا أعمالاً تطوعية كثيرة في مجالات مختلفة وتدعمهم، وتكرم الذي حقق بأعماله رصيداً متراكماً بالخدمات التطوعية، لتتنافس بعد ذلك الشركات في تقديم خدماتها، وتصبح خدماتهم من الخدمات الدافعة لسوق العمل ومن القوى الناعمة المساهمة في التنمية المستدامة في المجتمع.
وبوجود الجهات الداعمة، والمشاريع التي تصبّ في خدمة المجتمع، والجهات الحكومية المنسقة والمنظمة والمقيمة للجهات الداعمة، تكتمل الحلقة التي من شأنها أن تدور بشكل متواصل لتحقق جزءاً مهماً من التنمية المجتمعية.
التعليقات