الصيف سواء في نصف الكرة الأرضية الشمالي أو النصف الجنوبي، لا بد أن يكون زائراً سنوياً وإن اختلف التوقيت بين شمالها وجنوبها، ونحن في الجزيرة العربية وفي قلب الصحراء، اعتدنا التعامل معه قبل توفر معطيات الحضارة الحديثة وبعدها، لقد عاش بعض من سكان المملكة وما زالوا على قيد الحياة في صيف بلا كهرباء وهذا يعني لا توجد مروحة ولا مكيف ولا ثلاجه، وقد ألف ذلك الجيل وما سبقه التعامل مع واقعه والتكيف مع ما فيه من الصعوبة، وربما عاش بقدر السعادة التي يعيشها الآن والمكيف يصحبه في منزله وسيارته ومكتبه واستراحته، فالسعادة في القلب قبل كل شيء.
صيف الصحراء في أي بقعة من العالم، رمضاؤه من يحموم، وهواؤه سموم، منقطع المطر، ملتهب الحجر، سيله سراب، ورذاذه تراب، شمسه ساطعة، ورملته لاذعه، لكنه لا يخلو من خير، فتثمر فيه بعض الأشجار، فالنخيل الباسقات تحمل عرانينها أنواعا من التمر المختلف الألوان، الذي تستلذ بطعمه النفوس، وتقوى به الأجسام، وتزيد به الطاقة، وتقل الفاقة، مختلف الألوان من بين أحمر وأصفر وأخضر، ومتنوع الأشكال، فمنه الطويل والدائري والصغير والكبير، وفي الصيف يثمر شجر البطيخ والشمام الذي يذهب الظمأ بأمر الله، وفيه تثمر القرعيات بأنواعها، وهي غذاء تكثر فيه الألياف المفيدة للجسم، وتثمر به أشجار التين والعنب والمشمش والخوخ، فالصيف لا يخلو من عطاء جميل مع ما فيه من ألم الحرارة.
وصيف هذا العام الذي يبدو أن طقسه سيكون ساخناً مثل ما عهدنا سابقه من الأصياف، سيكون ساخناً أيضاً سياسياً وعسكرياً، فهناك الحرب الروسية - الأوكرانية، وقتل الفلسطينيين في غزة من قبل الاحتلال، وتنافس محموم على الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية، بين الحزبين الوحيدين في أمريكا الجمهوري والديمقراطي، وهما وإن بدا أنهما متناقضان بين متشدد ومتحرر إلا أنهما وجهان لعملة واحدة، ذات قيادة واحدة، وسيرافق هذان الحزبان منافس مستقل هو السيد كندي الذي رشح نفسه وهو يعلم أنه لن يفوز، وانتخابات أخرى في بريطانيا العظمى في شهر يوليو، بين عدة أحزاب وعلى رأسها حزب المحافظين الحاكم، الذي يبدو أنه سوف يودع الحكم، لصالح حزب العمال المنافس، الذي تبين استطلاعات الرأي فرقاً كبيراً ترجح فيه كفة حزب العمال، وسيكون هناك أحزاب أخرى سوف تنال عدداً من الأعضاء المنتخبين أكثر مما هي عليه الآن، مثل حزب الأحرار، أو حزب فاراج الخارج من رحم حزب المحافظين، والحزب الاسكتلنديّ، وغيره من الأحزاب والمستقلين.
في الشرق هناك صيف ساخن بعد أن فاز برئاسة تايوان، رئيس يميل بشدة إلى الغرب، ويقال إنه يدعو إلى الانفصال عن الصين، وهو الأمر الذي لن تسمح به الصين مطلقاً، ولهذا كثرة المناورات في المياه المحيطة بتلك المناطق، ويبدو أن ذلك سوف يستمر ساخناً طيلة هذا الصيف الساخن، ومع كل هذه الصراعات ظهر بريق أمل في خطوة أولى لإزالة بعض العقبات الكثيرة في التقارب بين الصين واليابان وكوريا، وهو تقارب لا شك أنه سيكون مفيداً للجميع.
التعليقات