تعتبر المملكة خدمة الحرمين الشريفين والحجاج والمعتمرين والزوار، شرفاً كبيراً، لا يضاهيه شرف آخر، ومن هنا لا تتدخر جميع الجهات الحكومية جهداً لتعزيز الخدمات التي تقدمها لضيوف الرحمن طوال العام، وتبلغ جودة وكفاءة هذه الخدمات ذروتها في مواسم الحج، ولعل ما شهده موسم الحج لهذا العام من نجاحات متعددة، يعكس جهود ولاة الأمر من أجل توفير أفضل الخدمات لضيوف الرحمن.

وجاءت إيضاحات وزارة الصحة الأخيرة، بشأن حالات الوفيات التي شهدها موسم الحج الماضي، وبلغت 1301 حالة، من منطلق تعزيز مبدأ الشفافية في التعامل مع هذا الملف دون تسرع أو أخطاء؛ ويؤكد ذلك، تأكيد الوزارة بأن 85 في المئة ممن توفاهم الله، هم ممن لم يكونوا يحملون بطاقات تعريفية من غير النظاميين، ما استدعى ذلك مزيدا من الوقت لتحديد هوياتهم، بالتواصل مع البعثات التي قد يعتقد أن الحجاج كانوا يتبعون لها.

ولا يختلف إثنان على جودة جميع الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن في موسم الحج، وعلى رأسها الخدمات الصحية، التي وجهت الحكومة بتوفيرها على مدار الساعة، في جميع المشاعر المقدسة، وتنافس في تقديم هذه الخدمات منشآت وزارة الصحة، ومنشآت عدد من مؤسسات الدولة الأخرى، التي شاركت في أعمال الموسم.

ولم تفرق المملكة في تقديم الخدمات الصحية بين حاج نظامي، وحاج آخر غير نظامي، وبين مواطن وغير مواطن، تأكيداً لمبدأ سعودي قديم، لطالما تمسكت به المملكة في الكثير من المواقف والأزمات، وهو "الإنسان أولاً"، هذا المبدأ ظهر جلياً أثناء جائحة كورونا، عندما وجه ولاة الأمر بتوفير العلاجات اللازمة للجميع بالمجان، من مواطنين ومقيمين ومخالفي نظام الإقامة والعمل.

ومن أهم إيضاحات الوزارة التي ينبغي الوقوف أمامها طويلاً، أن حدوث بعض الوفيات، جاء نتيجة لسلوك بعض الحجاج غير النظاميين لطرق جبلية وغير مأهولة بمناطق الراحة، وتعرضهم للإجهاد الحراري نتيجة لأشعة الشمس، التي وصلت إلى 49 درجة مئوية، خاصة وأن منهم كبار السن، ومن لديهم تاريخ مرضي أو حالة صحية مرضية، وهو ما يؤكد أن المملكة كانت مُحقة، عندما رفعت شعار "لا حج بلا تصريح" لضمان سلامة جميع ضيوف الرحمن، وتوفير ما يحتاجون إليه من خدمات الأمن والسكن والإعاشة.