الإجراءات الأخيرة، التي فتحت باب الإصلاح على مصراعيه، قد تكون غير ذات جدوى، إذا ترك بعض نواب مجلس الأمة الأخير من دون محاسبة، خصوصاً من تجاوزوا على الدستور، وأيضا من تجاوزوا على المال العام، فليس من المجدي ترك من خرّبوا العملية الديموقراطية برمتها لأهداف خاصة.

يمكن البداية بنواب الباركود وما فعلوه من تجاوز للائحة الداخلية للبرلمان على رؤوس الأشهاد، غير عابئين بالنصوص الدستورية واللائحية، وإذا كانت الحكومة في حالة من الضعف في تلك الفترة، فليس لديها العذر الآن، خصوصاً مع وجود دعم شعبي واسع لها.

إن نواب الجلوس على كراسي الوزراء وتعطيل الجلسات والاعتصام في مبنى مجلس الأمة، مع أنهم يملكون أغلبية مريحة، وكان بإمكانهم التوجّه لإقرار القوانين التي يحتاجها المواطن البسيط، آثروا الدخول في معارك جانبية هدفها تحقيق مصالح أطراف متنفذة، وكانت النتيجة مأساوية على المواطن والدولة معاً.

كما أن هناك نواباً تحوم حولهم الشبهات في صفقات خاصة بالمعدات العسكرية، وردت أسماء بعضهم في تقارير رسمية مختصة بالتحقيق، وحتى الآن لم يعرف المواطن نتائج التحقيقات، ولماذا حتى الآن لم يحالوا إلى الجهات المختصة؟

هناك من يتحدث عن عدد من النواب، تضخمت حساباتهم المالية، وهناك أيضاً من امتدت أيديهم إلى المال الخاص في شركات مالية عبثوا بها، وقد أدانتهم تقارير رسمية أيضاً، ومع ذلك كانت هناك مماطلة في إحالتهم إلى الجهات المختصة طوال الفترة الماضية، ويمكن أن نعذر الحكومة حينها، فقد كانت الرؤية ملتبسة، لكننا لا يمكن أن نعذرها في الوقت الحالي، لأن الحقائق لديها كاملة، وليس عليها سوى البدء في تحضير فريق قانوني، مهمته مراجعة كل تلك التجاوزات، ووضعها في الصيغة القانونية المناسبة على أنها عبث بالمال العام والخاص في الشركات المساهمة.

السكوت عن تلك التجاوزات، التي طالت الدستور واللائحة والمال العام والخاص في الشركات المساهمة، يجعل الحكومة الحالية شبه متفرجة على مثل تلك التجاوزات، ومادامت الفرصة مواتية، وهي، أي الحكومة، تحظى بدعم شعبي واسع ذاق المر من مثل تلك التجاوزات، ليس عليها إلا البدء بالخطوة الأولى، ونحن بانتظارها.

ناصر العبدلي