يصور الإعلام الأميركي المناظرة التي تسبق عادة الانتخابات الرئاسية بصورة الحدث التاريخي الأبرز، ويمهد له بمقدمات مثيرة كما يفعل في كل المناسبات الأميركية التي تمثل إحدى القوى الناعمة التي يسوقها إعلام قوي يمكن وصفه بالمثل الشعبي (يجعل من الحبة قبة)، قد لا ينطبق هذا الوصف على مناظرات سابقة ولكنه بالتأكيد ينطبق على المناظرة الأخيرة بين الرئيس بايدن والرئيس السابق ترمب.

هذه المناظرة كانت بين رئيس غير قادر على تجميع أفكاره، غير قادر على التعبير عما يريد بسبب عامل العمر، والآخر الرئيس السابق ترمب الذي يمكن وصفه بأن علاقته بالمصداقية تحتاج إلى تعزيز.

المناظرة كانت حوارا لا ينتمي لأدبيات ومبادئ الحوار، ولا يليق بدولة متقدمة تدرس هذه الأدبيات والمبادئ في جامعاتها ومعاهدها المتقدمة.

في قضية فلسطين لا فرق بين هذا وذاك، تنافس معتاد في من يدعم إسرائيل أكثر من الآخر، هذا هو حال الإدارات الأميركية مهما كان الحزب الحاكم، ولهذا كان من أغرب ما ورد في هذه المناظرة أن ترمب يتهم بايدن بأنه يتصرف كفلسطيني في حرب غزة! بينما الواقع لا يتفق مع هذه التهمة لكن ترمب الذي أعلن القدس عاصمة لإسرائيل ومنح الجولان لإسرائيل وكأنها أحد أملاكه أطلق هذه التهمة لمصالحه الانتخابية لكسب مزيد من الأصوات المؤثرة وهذا ما جعله يتهرب من تقديم إجابة واضحة عن موقفه حول قيام دولة فلسطينية مستقلة، في الرد على هذه التهمة أكد بايدن الحقيقة الثابتة على مر التاريخ وهي أن أميركا أكبر داعم لإسرائيل، ويتم تزويدها بكل الأسلحة التي تحتاجها.

المناظرة بين بايدن وترمب تسمح للمتلقي خارج أميركا طرح التساؤلات حول النظام الأميركي، ومفهوم دولة المؤسسات، وصلاحيات الرئيس، وصلاحيات الكونغرس، ومدى تأثير المناظرات على نتائج التصويت.

أما المتلقي الأميركي فيتساءل عن مدى الالتزام بالوعود الانتخابية وخاصة في الشؤون الداخلية والاقتصادية تحديدا، أما القضايا الخارجية فلم تكن تحظى بالأهمية أو بشكل أكثر دقة ليست من أولوياته، فهل تغير هذا الوضع لدى المتلقي الأميركي.