اتهم عديد من المحللين صناعة النفط بالبطء الشديد في تبني الذكاء الاصطناعي. لكن هذا غير صحيح، حيث إن الصناعة في حد ذاتها هي مصدر كثير من هذه التقنيات. بالفعل، على مدى السنوات العشر الماضية، بدأت الصناعة الانفتاح على التكنولوجيا الرقمية والأتمتة. في الواقع، احتضنت صناعة الطاقة إلى حد كبير كل ما يتعلق بالتكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي. والآن تساعدها هذه التقنيات على إنتاج مزيد من النفط والغاز بكلف أقل.
في هذا الجانب، ذكرت بلومبرغ أخيرا كيف كانت صناعة النفط تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين الحفر في تشكيلات النفط الصخري وتعزيز معدلات استخراج الآبار. وتعد هذه خطوة مهمة للغاية بالنسبة للصناعة.
وبالعودة إلى 2018، وجدت دراسة استقصائية أن عديد من شركات النفط والغاز كانت بالفعل تتبنى الذكاء الاصطناعي أو تخطط لاعتماده قريبا. في ذلك الوقت، كان الذكاء الاصطناعي يشير عادة إلى تقنيات مثل التحليلات التنبؤية والتعلم الآلي.
يعمل الذكاء الاصطناعي على تغيير الوضع الراهن في صناعة النفط والغاز. حيث، يمكن أن تساعدنا حلول الذكاء الاصطناعي والروبوتات في إنشاء نماذج تتنبأ بالسلوك أو النتائج بشكل أكثر دقة، مثل تحسين سلامة منصات الحفر، وإرسال الطواقم بشكل أسرع، وتحديد أعطال الأنظمة حتى قبل حدوثها.
بالفعل، يتم الآن استخدام التكنولوجيا الرقمية على نطاق أوسع من أي وقت مضى في صناعة الطاقة. تعد شركات النفط الصخري من أوائل الشركات التي تبنته لأن تكاليف الإنتاج هناك تميل إلى أن تكون أعلى بشكل عام مما هي عليه في حقول النفط والغاز التقليدية. وفي منطقة الشرق الأوسط، تعد شركة أرامكو من أوائل الشركات في المنطقة التي أدخلت الذكاء الصناعي في عملياتها.
وإذا تحققت الوفورات الكبيرة في التكاليف، فمن المؤكد أنها ستمكن الصناعة من زيادة الإنتاج. كان هذا هو النظام الطبيعي للعمل: كلما وجدت الشركات طريقة أرخص للحفر، كان هذا ما تفعله، وهو تعزيز الإنتاج.
في الوقت الحالي، هناك حملة تتسارع وتيرتها ضد انبعاثات غاز الميثان. حيث، أصبح تتبع انبعاثات غاز الميثان ومراقبتها - وفي نهاية المطاف تقليلها- من المجالات ذات الأولوية بالنسبة لصناعة الطاقة. وهذا هو أحد المجالات التي سيكون فيها الذكاء الاصطناعي مفيد بالتأكيد، خاصة أنها تستخدم بالفعل في المراقبة وتقييم المخاطر.
وسيكون الذكاء الاصطناعي والتقنيات الأخرى مفيدة أيضا في تعزيز الكفاءة التشغيلية. يعد الحفر والمراقبة عن بعد مجالا كبيرا للنمو، وكذلك التنبؤ بفشل المعدات، وهو أمر بالغ الأهمية في هذه الصناعة. على سبيل المثال، تفتخر شركة بيكر هيوز بقدرتها على التنبؤ بفشل المعدات في 65 % من الآبار في حوض بيرميان. وهي تريد زيادة هذه النسبة إلى 70 %، ومن المحتمل أن تفعل قريبا.
ولعل الأهم من ذلك هو أن الذكاء الاصطناعي وبقية ما نسميه بشكل جماعي التكنولوجيا الرقمية يمكن أن يساعد صناعة النفط والغاز في حل مشكلة نقص العمالة الماهرة. حيث، يختار عدد أقل فأقل من الجيل الجديد مهنة في مجال النفط والغاز. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى جهود نشطاء المناخ لثنيهم عن اختيار مثل هذه المهنة. ويبدو أن عديد من الشباب يكرهون المتطلبات الجسدية للعمل في حقول النفط.
لكن، التقارب الشديد بين صناعة النفط والغاز والتكنولوجيا الرقمية يجذب نوعا جديدا من المواهب التي لا تمانع في العمل في الصناعة طالما أن هذا العمل يتم في المكتب وليس في الحقول. إن اعتماد تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والأتمتة والتحليلات التنبؤية غير سمعة صناعة النفط والغاز هذه المرة إلى الأفضل.
- آخر تحديث :
التعليقات