قبل نحو ثماني سنوات، وعدت رؤية 2030 بإعادة تأسيس المملكة على مرتكزات صلبة، ومبادئ ثابتة، تثمر عن وطن قوي ومزدهر، يعتمد على سواعد مواطنيه القادرين على الابتكار والإبداع والتميز في مجالات بعينها، ومع مرور الوقت، أوفت الرؤية بما وعدت به وأكثر، عندما أوجدت أجيالاً من المتميزين والمتعلمين ورواد الأعمال، الذين يمتلكون مهارات التفكير من خارج الصندوق، والتوصل إلى أفكار نوعية تُعلي من قدر الوطن في الداخل والخارج وترتقي بحياة المواطن.

وليس بعيداً عن هذا التوجه، جاءت الموافقة السامية على منح الجنسية السعودية لعدد من المواهب والكفاءات العلمية والطبية والتقنية والرياضية والصحية والتعليمية، الذين يستطيعون تنمية القطاعات الواعدة، وتوطين رأس المال البشري السعودي، بما يعود بالنفع على جهود التنمية في تلك القطاعات، ورفع إسهاماتها في الناتج المحلي الإجمالي، وإيجاد الفرص الوظيفية للمواطنين والمواطنات، بما يحقق الاستدامة المعرفية للأجيال الحالية والمستقبلية.

لم يكن منح الجنسية السعودية للكفاءات البشرية عشوائياً، وإنما وضعت له معايير وشروط كثيرة، تحقق مستهدفات الرؤية الطموحة، باستقطاب المتميزين والمبدعين من جميع دول العالم، ومنحهم الفرصة لتعزيز أعمالهم وابتكاراتهم في وطنهم الجديد، ويعلي من قيمة منح الجنسية السعودية أنها جاءت بقرارات سيادية، تهدف إلى تحقيق المصلحة الأعلى للوطن، ورفد جهود التنمية بالخبرات والتخصصات التي تشكل إضافةً نوعية لتنمية البلاد.

وتُعول المملكة على أصحاب الكفاءات والتخصصات النادرة، الذين تم منحهم الجنسية، في إحداث الفارق المطلوب في المشهد السعودي، والمساهمة في بناء مملكة حديثة ومتطورة، لها شخصيتها المميزة والفريدة، في تعزيز أركان الدولة بابتكارات واختراعات قائمة على نظريات العلم الحديث، بما ينعكس على نقل المعرفة والخبرات، وزيادة مستويات التأهيل، والنجاح في هذا المسار، يجعل من هؤلاء العلماء والمميزين رافدًا معرفيًّا للأجيال الحالية والمستقبلية، ومرجعيات علمية وبحثية للكفاءات الوطنية.

وتستطيع المملكة أن تجني ثمار قرار منح الجنسية للمواهب والكفاءات البشرية، في وقت قريب جداً، عندما يكون لديها عدد لا بأس به من العلماء والمبدعين والمخترعين، الذين سيجدون في المملكة -حتماً- المناخ الملائم لمواصلة جهودهم العلمية والبحثية، كلٌ في مجاله، وهو ما يسفر في نهاية الأمر، عن حزمة من الاختراعات والإبداعات النوعية.