دون شك أن العطل السنوية، ومنها العطلة الصيفية، تعتبر فرصة ثمينة للآباء والأمهات، لقضاء المزيد من الوقت مع أطفالهم، والاستماع لهم، وممارسة بعض الأنشطة المشتركة بصحبتهم. ومثل هذا الاحتكاك يكسب الأطفال عدة مهارات حياتية، ويزيد من خبراتهم ومعارفهم، وليس بالضرورة، أن تكون تلك الأوقات بمثابة دروس تعليم، بقدر ما تكون ممارسة فعاليات حياتية بصحبتهم، فيشاهدون ويسمعون، ويتعلمون من المواقف والأحداث.

لكن الذي يحدث أن هناك قطاعاً واسعاً من الآباء والأمهات، لا يملكون رؤية موضوعية، لكيفية قضاء هذه العطلة، بل إن البعض يترك أطفاله لتمضية هذا الوقت الطويل، في النوم والسهر، معتبراً أنها فرصة لتعويض أيام العام الدراسي، وهذا بطبيعة الحال خطأ فادح، حتى ولو كان الابن أو الابنة، قد نجح بتفوق، يبقى للوقت قيمته البالغة. لا بأس بالراحة، ولا بأس بالترفيه، ولكن أيضاً من المهم تضمين أوقاتهم لبعض من التدريبات، وتعلم بعض المهارات. وهذا يعني التوازن بين الترفيه والجدية، وبين النوم والنشاط، لذا من الأهمية وضع جدول، يبين فيه مختلف الأنشطة وأنواعها، ومن يقوم بوضع هذا الجدول، هو الطفل نفسه، أو الابن والابنة، بالتشجيع والحث، وزيادة معرفتهم عن قيمة الوقت، وعن أهمية تطوير أنفسهم واستغلال هذا الوقت لمنفعتهم لاكتساب مهارة، أو لتنمية موهبة، تنعكس على مستقبلهم بالإيجابية، وتساهم في نجاحهم ونموهم وتطورهم.

إن مواضيع مثل النوم الكافي، وتناول الطعام خلال الوجبات الرئيسية، وقراءة الكتب، ومشاهدة التلفزيون، ونحوها، من المواضيع المهمة، والتي تتداخل، خلال الإجازات الطويلة، وما يفيد ويقوي الطفل، يهمل تماماً، ويتم التركيز على بعض الجوانب التي يعتبر الانغماس فيها، سلبياً وله ضرر. ومن هنا يجب أن نشرك الأبناء ونسألهم عن الأنشطة التي يحبون ممارستها، والهوايات التي يرغبون بتطويرها، هذا يعني أنهم يساهمون في وضع جدولهم الخاص، ولا ننسى تضمين هذا الجدول الأنشطة الحركية مثل الرياضة والألعاب الخارجية، فضلاً عن إلحاقهم ببعض الدورات التدريبية التي تتعلق بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وتطويرهم في هذه المجالات، ولا ننسى الرحلات الخارجية الميدانية، لأنها مفيدة في تعويد الطفل على الاعتماد على نفسه، ورؤية الطبيعة، وقضاء بعض الوقت بعيداً عما ألفه وتعود عليه داخل المدينة.

العطلة الصيفية، تمنح أبناءنا، الكثير من وقت الفراغ، وإذا لم نشغله لهم بشكل إيجابي ومفيد، فإنه ودون شك سيكون وقتاً مهدراً بدون فائدة ولا مكسب لهم.

www.shaimaalmarzooqi.com