حسن مدن
د. حسن مدن
في العام المنصرم (2023)، وعشيّة الإعلان عن الفائزين بجائزة الكتاب الأمريكي، أجرى موقع «ليت هاب» لقاءات مع من تأهلوا لقائمتها القصيرة، وطرح عليهم أسئلة تتصل بتجاربهم في الكتابة، فجاءت الكثير من أجوبتهم ملهمة ومعبرة، ربما بسبب ذكاء الأسئلة التي طرحت عليهم، فالسؤال الجيد، كما يقال، هو نصف الإجابة.
يومها نشرت «أخبار الأدب» المصرية ترجمة لتلك اللقاءات، وضعتها بسمة ناجي، واستوقفتنا، خاصة، أجوبة من أجريت معهم اللقاءات عن أفضل أو أسوأ نصيحة تلقوها تتصل بتجربتهم في الكتابة. سنقف على عجالة أمام بعضها لنقرأ أن أحد هؤلاء الكتّاب، نانا كوامي، يرى أنه لا توجد نصيحة عامة تصلح للجميع، لذا فإن ما يعدّ نصيحة سيئة هي كذلك بالنسبة لك فقط، وقد تعدّ نصيحة رائعة لشخص آخر، ملخصاً فكرته بالقول: «إن أسوأ نصيحة هي تلك التي تقدّم حكماً مطلقاً»، ومع ذلك فإنه يرى أن أفضل نصيحة تلقاها بشكل مباشر هي: «كن بسيطاً.. كن دقيقاً»، وكونه كاتب قصة فإنه أضاف نصيحة أخرى أسداها إليه أحدهم: «القصة تحتاج إلى بعض المراوغة».
جاستن توريس قال إن من النصائح الجيدة التي تلقاها مبكراً: «انتبه لكل جملة»، قبل أن يضيف: لكن أفضل نصيحة في العموم كانت: تمهل.
فيما شرحت هانا بيلفانين تجربتها أثناء كتابة روايتها «نهاية زمن الطبول»، حين شعرت، في لحظةٍ ما، بعدم جدوى كتابة الرواية بالأساس، بعدما أجرت الكثير من الأبحاث وصار بإمكانها أن تكتب عدداً من الكتب غير الأدبية عن المكان والعصر، لو أرادت ذلك، بالنظر إلى ما توفر بين يديها من معلومات ووقائع، فيما بدت الكتابة الروائية عصيّة عليها، فناقشت الأمر مع صديقة لها، طالبة نصحها، فأجابتها تلك الصديقة: لو كنتُ فنانة لرسمتُ موضوعك، لو كنتُ مطربة لغنيتُ عنه، لكنك روائية، لذا عليك أن تكتبي عنه رواية.
بول هاردينج قارب الموضوع من زاوية مختلفة بعض الشيء، حين ذكر أنه عندما بدأ محاولاته لكتابة الروايات، مثلت أمامه ما أطلق عليها مهلكة متمثلة في مواجهة المعلمين والمحررين ومروجي برامج الكتابة ممن يقدّمون نوعاً أدبياً أو مصطلحاً بعينه باعتباره كل ما يجب فعله لتكون الكتابة حقيقية، وهو ما مقته، ربما من زاوية رفض «قولبة» الكاتب في قالبٍ بعينه، فهو، مثلاً، يحبّ بعض قصص ريموند كارفر، ويعدّها من أجمل وأروع ما قرأ، لكن لو اضطرّ إلى محاكاة قصصه لأصبح سباكاً منذ عقود، ومن هذا كله خلص للتالي: يجب على كل شخص أن يكتب ما يراه حقيقياً وجيداً وصادقاً لنفسه ولروحه، فما أكثر عوالم الفن والجمال التي ضاعت لأن أصحابها اتبعوا طريق شخص آخر.
التعليقات