خالد بن حمد المالك

لا أعرف سر إخفاء قتلى كبار القادة العسكريين والسياسيين في الميليشيات التي هي في قتال مع إسرائيل، بينما تعلن المعلومات عنهم مبكراً من قبل إسرائيل، فيما أن التنظيمات لا تعترف بذلك إلا بعد أيام، وقد لا تعترف به أبداً.

* *

في لبنان أعلن الإسرائيليون على الفور بعد توجيه ضربة لضاحية بيروت عن قتلهم لـ فؤاد شكر أحد أهم القادة العسكريين البارزين في حزب الله، وأنه كان هدف إسرائيل في هذه الضربة، وتم قيام إسرائيل بها بناءً على معلومات استخبارية دقيقة، غير أن حزب الله لم يعترف بذلك إلا بعد 24 ساعة من مقتله، وكان الادعاء لتبرير ذلك أنهم وجوده بعد هذه المدة تحت الأنقاض، وهو ما لا يصدقه عاقل، فالرجل يعد عضيد حسن نصر الله، ويستحيل أن يغيب كل هذه المدة دون معرفة مصيره، خاصة مع إعلان إسرائيل عن مقتله.

* *

وفي قطاع غزة، أعلنت إسرائيل عن مقتل ضيف القائد العسكري الأول المهم في صفوف حركة حماس منذ ثلاثة أسابيع، وكررت التأكيد على مقتله الأسبوع الماضي، وما زالت حماس تنكر المعلومة الإسرائيلية، وتقول إنه يسمع أكاذيبها، وإذا صح كلام حماس، وصدقت معلوماتها، فلمَ لا يظهر ضيف على الملأ، ويتحدث ليسمعه الإسرائيليون فعلاً بأنه لا يزال حياً، وبذلك ينفي بنفسه كلام الإسرائيليين الكاذب.

* *

مثل هذا التعاطي مع المعلومات والأحداث وتناقض الروايات بين ما تقوله إسرائيل، وما يرد من الطرف الآخر، لا يخدم إلا إسرائيل، إذ إنه يجعلها المصدر الوحيد الذي يعتمد عليه، مع أنها توظف معلومة صغيرة كهذه لترسل رسائل ومعلومات كثيرة كاذبة ومضللة باستخدام حدث كهذا في إقناع المتابعين بدقة معلوماتها وصدقها، ضمن أساليبها المخادعة في كل حروبها.

* *

حتى في إيران عندما قتل إسماعيل هنية في قلب طهران، تراوحت الأخبار عن طريقة مقتله تارة على أن ذلك تم بصاروخ من الخارج، ومعلومة أخرى بأنه صاروخ من الداخل، ومعلومة ثالثة بأن قنبلة زُرعت منذ شهرين في غرفة نومه وتم تفجيرها عن بعد، وكان على طهران أن توضح الأمر، ولا تدع المعلومات تصدر من عدة جهات، وكل وما يدعيه لإخفاء طبيعة قتله، خاصة وأن إسرائيل تعمدت لإخفاء دورها في قتله التزام الصمت، تجنباً لملاحقتها في الاعتداء على أراض إيرانية، وممارسة القتل المتعمد في قلب عاصمتها.

* *

وفي هذا الشأن، فربما كان من إفرازات هذه الحروب الإسرائيلية القذرة، أن على الجميع أن يكونوا على يقين وعلم بأن إسرائيل تكذب حتى يصدقها الجميع، طالما كانت الأطراف الأخرى تتعاطى مع الأحداث على هذا النحو من الصمت، أو النطق بعد فوات الأوان.