يأتي وزير ويذهب وزير ووضع النظافة والبيئة في قاع البير!

***

بشهادة مختلف المؤشرات، والسفارات، فإن الكويت، المدينة الدولة، ملوّثة براً وبحراً وجواً، والسفارة الأمريكية الأكثر تحذيراً، فمنذ تأسيس هيئة البيئة، وأوضاعها في اندثار وانحدار مستمرين، والتلوث بازدياد، وصحة الناس في تدهور، وأمراض الجهاز التنفسي في انتشار، ومياه الصرف الصحي تنتهي إلى البحر، والصرف على العلاج والدواء بازدياد، ولا أحد يود الإجابة على سؤال بسيط وواضح: لماذا الكويت الأقل نشاطاً في الصناعة، والأقل استخداماً للفحم، والأقل اكتضاضاً بالسكان، بهذا التلوث؟

***

يعتبر التلوث البيئي من أبرز الأزمات، التي يمر بها العالم اليوم، في ظل التغيّر المناخي ووصول درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، لذا يسعى الجميع إلى المحافظة على البيئة، عبر اتخاذ مختلف الإجراءات الضرورية، ويعتبر لبنان الدولة العربية الوحيدة ضمن الدول العشر الأكثر تلوّثاً، وغالباً بسبب عجزه عن معالجة مشكلة النفايات، إضافة إلى «دزينة» من العوامل الخطيرة الأخرى، مثل الفساد وارتفاع استهلاك الديزل، لتوليد الطاقة.. إلخ.

***

بشّرتنا حكومة سابقة، يوماً، بأنها نجحت في تخفيض قيمة عقود النظافة بمبلغ كبير! وهذا يشبه إعلان وزارة الصحة عن نجاحها في تحقيق وفر في مناقصات الأدوية، عن طريق شراء الأقل جودة!

لقد فشلنا، طوال نصف قرن، في أن تكون لنا سياسة جادة في ما يتعلق بقضية جمع القمامة، والتعامل معها. وكان الأسلوب الأرخص، والأكثر تخلفاً، هو في استمرار جمعها بالطريقة نفسها، على مدى نصف قرن، وردم أغلبها، بكل ما بها من مواد عضوية وسامة، في باطن الأرض، بالرغم من كل ما يشكله الأمر من خطورة مستقبلية على الصحة، وما أصبحنا نعاني منه الآن.

أصدرنا، على مدى عقود عدة، قوانين شتى، ولكن تناسينا تماماً، وغالباً عمداً، إصدار قانون عصري يتعلق بمشكلة النفايات، لا جمعاً، ولا فرزاً، ولا استفادة، ولا ردماً.

فهناك رقم يمكن الاتصال به عند وقوع حادث مرور بسيط، لكن لا أحد يعرف بمن يتصل عند وقوع جريمة بيئية؟ حتى زيارة هيئة البيئة لن تفيد. ولا أحد يهتم بمراقبة كيفية جمع القمامة، ولا نوعية الحاويات، ولماذا لا تتعدد أغراضها، حسب لونها؟ ولماذا لا تقوم شركة التنظيف بغسل الحاويات، كما هو منصوص في عقودها؟

ولماذا تمنع النظم والقوانين أية جهة من بناء المرادم، وتقوم جهات أخرى، في الدولة نفسها، بمخالفة ذلك وبنائها؟

ولماذا لا أحد تقريباً يسمع أو يعرف شيئاً عن مناقصات المرادم، أو إعادة تأهيلها، وفق المواصفات العالمية؟

ولماذا ـ كما أخبرتني مصادري ـ أرسيت مؤخراً مناقصة تتعلق بالمرادم بمبلغ يبلغ %10، أكرر 10 بالمئة فقط، من تكلفتها الحقيقية على أحد المناقصين؟

هل سيأتي يوم تشتري فيه وزارة الصحة دواء ضرورياً، على أساس أقل الأسعار؟ فلِمَ إذا التعامل بكل هذه الخفة مع قنبلة المرادم وبتلك الطريقة «الفاسدة»؟

الأسباب معروفة، والأسماء معروفة، والغمندة معروفة، خاصة لدى مراقبي البلدية!

الوضع خطير، والفساد مستشرٍ، ويجب تحرّك «الحكومة برمتها»، وإصدار التشريعات اللازمة لتنظيم هذه الكارثة البيئية.


أحمد الصراف