بشرى فيصل السباعي
عرض مؤخراً في السينما العالمية ونتفليكس فيلم من إنتاج مشترك هندي أمريكي باسم «حياة الماعز – Aadujeevitham/The Goat Life» عن قصة حقيقية لعامل هندي يقول الفيلم إن كفيله احتجزه واستعبده في رعاية الماشية في صحراء بظروف لا إنسانية وعذبه ولم يعطه راتباً. وأثار الفيلم ردود أفعال مستنكرة في الخليج، لكن ردة الفعل المستنكرة هذه لا تصحح السمعة السيئة التي لحقت بدول الخليج بسبب هذا الفيلم، فما يصحح تلك السمعة السيئة الإعلان عن التحقيق بقضية العامل ورفيقيه، واستدعاء ذلك العامل ليحضر الجلسات التي يتم إنصافه فيها لإثبات أن الأنظمة الخليجية تحفظ حقوق العاملين، وإن انتهك أحد حقوق أي عامل فستتم معاقبته وتعويض العامل. وبالطبع الإعلام الخارجي سيغطي القضية بسبب شهرة الفيلم العالمية، وهذا سيكون أفضل تصحيح للسمعة السيئة التي نتجت عن الفيلم، وبهذا لن يتم تعميم الخطأ الفردي وراء تلك القصة على كل دول الخليج، وسيتم إثبات أنه خطأ فردي عبر إثبات وجود قوانين وأنظمة تنتصر لمظالم العمالة، بالإضافة لإنتاج برنامج وثائقي موجّه للعمالة عن حقوقهم حسب الأنظمة، وإنتاج برامج توعية عن حقوق العمالة، لأن هناك جهلاً لدى العمالة بحقوقهم، وهذا كان سبب سجن مبتعثين في الغرب في قضايا شهيرة بسبب ما يعتبرونها أموراً معتادة في معاملة العمالة، بخاصة المنزلية، بينما هي تصنف قانونياً دولياً على أنها انتهاكات خطيرة لحقوق العمالة، مثل احتجاز أوراقهم الثبوتية، وحبسهم، وعدم إعطائهم رواتبهم ربما بحجة جمعها لهم، والقسوة في المعاملة، وكل عامل هو سفير ينقل صورة مجتمعه إلى وطنه عند عودته، ولذا أي سوء معاملة أو انتهاك لحقوق العمالة تسبب في تشويه صورة بلده في الخارج، مع العلم أن هذا ليس الفيلم الوحيد عن قصة سلبية للعمالة في الخليج، وهناك مقاطع في مواقع التواصل لعمالة في الخليج يستنجدون تصل لبلدانهم وتقام عليها حملات إعلامية وصحفية، والضرر الذي تلحقه بسمعة بلدان الخليج لا يتصحح بالاستنكار، وهناك العديد من الأفلام الوثائقية الغربية التي عرض بعضها في مهرجانات حقوق الإنسان العالمية كتلك التابعة للأمم المتحدة وبسببها حصلت ضغوطات على الشركات التي كانت تريد المساهمة في رعاية الأحداث الرياضية في دول خليجية، وبعضها بالفعل انسحبت من رعايتها تجاوباً مع ضغوطات المنظمات الحقوقية، وانسحبت مؤسسات إعلامية وصحفية غربية من تغطية الأحداث الرياضية بسبب ضغوط المنظمات الحقوقية التي نتجت عن إنتاج برامج وثائقية عن حالات من انتهاك حقوق العمالة، فمثل تلك المواد الإعلامية والفنية ليست بلا أثر على أرض الواقع يصل لدرجة الخسائر الاقتصادية، وأكبر خطأ للدول الخليجية أنها لا تقوم بردود عملية ودعائية لتصحيح هذه السمعة السيئة التي نتجت عن قصص بعض الانتهاكات الفردية لحقوق العمالة التي انتشرت أخبارها في الإعلام والصحافة الأجنبية والأعمال الفنية العالمية، فالخليج يحتاج أن تصبح سمعته مثل سمعة أمريكا في أنه أرض تحقيق الأحلام والرفاه والحقوق وجودة الحياة لكل قاطنيه حتى العمالة الأجنبية من الدول الفقيرة، فالسمعة والصورة الذهنية عن البلد لدى العالم الخارجي تؤثر على قابليته لأن يصبح وجهة مرغوبة للسياحة والاستثمار والكفاءات، وغالب دول الخليج لديها مشاريع لإحلال الاعتماد على النفط عبر جذب السياحة والاستثمارات والكفاءات، ولذا الصورة الذهنية والإعلامية والفنية عنها هي قضية بالغة الأهمية والحساسية، ولا يجدي الاكتفاء بنفي تلك السمعة السيئة في الصحافة المحلية، لأنها لا تصل إلى الجمهور المستهدف وهو الجمهور العالمي.
التعليقات