عماد الدين أديب

لو كنت مكان أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، هذه الأيام، لكانت قضيتي الأولى، هي منع وتأمين الحزب من الاختراقات الأمنية والسيبرانية الإسرائيلية.

ليس تجنياً، أو القيام بادعاء ظالم ضد «حزب الله»، سواء كان المراقب للأحداث من أعدائه أو أنصاره، أو محايداً تجاهه، أن يصف أوضاع الحزب هذه الأيام، بأنها تعاني من اختراقات عميقة في أنظمته الداخلية، وشبكة اتصالاته الخاصة والعامة، ومراسلات النخبة من قادته، في مجالات القيادة والسيطرة العملياتية.

كان الحزب يفاخر دائماً بأن لديه شبكة اتصالات خاصة به، غير قابلة للاختراق، وغير مرتبطة بأنظمة الاتصالات العامة التابعة للدولة اللبنانية.

وكان الحزب يفاخر دائماً بأنه هو الذي يتفوق على خصومه في الداخل، وعلى أعدائه في الخارج، في مسألة جمع المعلومات الدقيقة، وأنه يعرف عنهم أضعاف أضعاف ما يعرفون عنه.

كل ذلك كان محور «الصورة الذهنية والإعلامية»، التي رسمها الحزب عن نفسه، وذلك كان الانطباع القوي السائد، منذ انسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب عام 2000، وانتصار الحزب في حرب 2006.

ظل ذلك هو الانطباع السائد، حتى بدأت سلسلة من الاختراقات الأمنية العميقة، التي وضعت تساؤلات قوية للغاية حول مدى هشاشة النظام الأمني للحزب، الذي يعاني من اختراقات عميقة للغاية، من قبل إسرائيل، عبر عملائها.

بدأت عمليات التصفية الجسدية، بعمليات نوعية، في عقر دار الحزب، في الضاحية الجنوبية، وداخل المربع الأمني في حارة حريك، وتلك هي المركز الأساسي لقيادات الحزب العسكرية والأمنية، والتي من المفترض أن يكون حولها جدار أمني حديدي، غير قابل للاختراق، سواء من العملاء أو الطائرات المسيرة أو الاختراق السيبراني بكل أنواعه.

توالت الاختراقات بقوة، وبوتيرة متسارعة، صالح العاروري، فؤاد شكر، تفجير أجهزة «البيجر»، تفجيرات «الووكي توكي»، اغتيال إبراهيم عقيل قائد العمليات الخاصة مع مجموعته من قيادات قوات النخبة «الرضوان»، ويقال إن محمد رضا نائب رئيس عمليات الحرس الثوري الإيراني كان معهم.

درجة رتب المستهدفين، أماكن اغتيالهم في الضاحية، مواعيد اجتماعاتهم، وتيرة تسارع العمليات كلها، مسألة تفرض قلقاً عظيماً من جانب قيادات الحزب.

مثلث الجواسيس والتنصت أو الاختراق السيبراني الإسرائيلي، هو نوع جديد من أشكال المواجهة الأمنية المبتكرة من جانب إسرائيل، التي تحدث من خلالها أكبر عدد من الخسائر البشرية، بأكبر ضرر من الأثر النفسي، مقابل أقل خسائر إسرائيلية مباشرة.

ملف تأمين الحزب من الاختراقات الحالية جوهري للغاية، سواء قررت قيادة الحزب الحل الدبلوماسي والوساطات الحالية، أو حتى مواصلة الاشتباك مع إسرائيل على أي مستوى.

لا يمكن فعل أي شيء، أو اتخاذ أي قرار سليم، سلماً أو حرباً، في ظل هذا الانكشاف والاختراق.