حلت الرياضيات مشكلات عديدة في كوكبنا بما فيها إنصاف المتقدمين للوظيفة. فالرقم لا يكذب أبداً. وهذا ما حدث عندما اضطرت لجنة تكافؤ فرص العمل الأميركية إلى وضع مبدأ يقيس عدالة التوظيف لجميع مكونات المجتمع بعد قانون الحقوق المدنية عام 1964.

ذلك أن مبدأ أو معادلة «التأثير العكسي» (Adverse Impact) جاءت لتحل مشكلاتهم على النحو التالي: إذا كانت نسبة توظيف مجموعة معينة تقدمت للوظيفة (مثل الأميركيين من أصول أفريقية) هي 20 في المائة من إجمالي المتقدمين «السود»، والمجموعة الأخرى (مثل البيض) حظيت بنسبة توظيف 30 في المائة من أصل المتقدمين البيض للوظيفة، فإن القاعدة تقول: إن نسبة توظيف «الأفارقة الأميركيين» 20 في المائة تُقسم على نسبة توظيف البيض 30 في المائة ليصبح الناتج 66.67 في المائة. وهو ما دون نسبة 80 في المائة القانونية، وهذا يعني أن هناك احتمالاً لوجود تمييز غير مباشر (تأثير عكسي). بعبارة أخرى، عندما نقسم نسبة من توظفوا من الأقليات على نسبة من توظف من فئات مختلفة ذات أفضلية يظهر لنا مدى انحياز التوظيف من عدمه.

ولا تعد الـ80 في المائة نسبة سحرية، لكنها تُستخدم كمعيار قانوني وإرشادي لضمان وجود توازن معقول في التوظيف بين شتى المجموعات.

وقد تم استخدام هذا المبدأ للمرة الأولى بشكل رسمي في القضية الشهيرة عام 1971، عندما رُفعت دعوى ضد شركة «دوك باور» في كارولاينا الشمالية. حيث قضت المحكمة العليا الأميركية بأن معايير التوظيف تبدو محايدة، ولكنها تؤدي إلى تأثير غير متساوٍ على المجموعات العرقية؛ إذ تشكل تمييزاً غير مباشر، حتى لو لم تكن هناك نية صريحة للتمييز. هذا الحكم أرسى دعائم المبدأ في القانون، وكان البداية الفعلية لاستخدام «التأثير العكسي» كمعيار قانوني في قضايا التوظيف. وصار يدرّس حتى يومنا هذا في الجامعات.

والانحياز في التوظيف يحدث بطرق شتى حول العالم، منها الاكتفاء بالعدد المطلوب توظيفه ثم إغلاق باب التقدم للوظيفة، أو تجنب الإعلان عن فتح باب الترشيح عندما لا يلزم القانون ولا اللائحة الداخلية ذلك لتوظيف من نشاء.

المقصود بمعادلة عدالة التوظيف ألا يكون هناك أثر عكسي يؤدي إلى توظيف نسبة أكبر من المتقدمين من الذكور على حساب الإناث، مثلاً، أو مجموعات عرقية أو طائفية معينة على حساب أخرى. وتسعى دول أخرى غير أميركا إلى تطبيق حلول رقمية مشابهة لضمان تطبيق العدالة بين الجميع.