هل يستطيع الشعب الإيراني أن ينعم بالأمان لو قُيّض له نظام يتصالح معه ومع جواره؟ نعم بل ويستطيع أن يتمتع هذا الشعب بالرفاهية والرخاء أيضاً، فلديه كل الإمكانات، لو تخلى عن مشروعه التوسعي، والأهم أن ذلك سيكون دعامة لاستقرار أي نظام سيحكم إيران، ودعامة استقرار للمنطقة كلها، فهل سيتمكن التيار الإصلاحي الجديد من تحقيق ذلك؟

هل تستطيع حكومة بزشكيان وحدها أن تقوم بذلك كما تحاول أن تقنع دول الجوار وتقنع الولايات المتحدة بأنهم إخوة وأصدقاء؟ وهل تستطيع أن تقف أمام التيارات المتصارعة في الداخل الإيراني؟

أما السؤال الأكثر إلحاحاً فإنه في ظل محاولات الولايات المتحدة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من النظام الحالي، فكيف تتصرف مع إسرائيل حياله؟

سيناريوهات دولية متعددة تناقش ما الذي سيحدث لإيران المستقبل.

وما هو موقف روسيا والصين من جميع تلك الاحتمالات، خاصة أن العديد من المصالح متشابكة بينها وبينهم؟

في هذه اللحظة الداخل الإيراني معقد جداً نتيجة تلك الصراعات التي لم ينهها تعرض الدولة لأكبر تهديد في تاريخها. فهل سيتمكن جناح يحاول أن يجد لدولته مكانة جديدة في المجتمع الدولي، أم أنه سيفشل لأن المقاومة كبيرة من أجنحة قوية عسكرية وسياسية وإن كانت متصارعة، إلا أن كلاً منها يقبض على مفصل من مفاصل الدولة؟

اللافت للنظر أن الإيرانيين - بمن فيهم المتشددون - يحاولون تجنب الحرب في ظل هذه الظروف المعقدة، بل ويدعون للتخلي عن «محور المقاومة» علانيةً، فقد أصبحت هذه الدعوة هي الغالبة حتى من خطباء الجمعة كالملا مختاري في بيرجند الذي رد على دعاة الحرب قائلاً: «يقولون: سيدي، إسرائيل وفلسطين في قتال، فما علاقتنا بهما؟ ما علاقتنا بفلسطين؟ وما علاقتنا باليمن وسوريا والعراق؟ دعونا نهتم بأنفسنا! يجب أن ننفق الأموال التي نصرفها هناك على أنفسنا. لو أنفقنا هذه الأموال هنا، لحدث كذا وكذا. ما علاقتنا بصراعاتهم؟!»

الخلاف لا يقف بين التيارات الإيرانية حول ملف الصدام مع إسرائيل من عدمه فقط، بل يمتد الخلاف إلى كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية التي يقودها بزشكيان إلى مسار تصالحي مع الغرب ومع دول الجوار، تَمثَّل في تعيين جواد ظريف وزير الخارجية السابق مستشاراً، وهو المغضوب عليه من التيار المتشدد والمتهم بالعمالة للغرب.

تصريحات كامران غضنفري، عضو مجلس الشورى من طهران، الذي قال: «بزشكيان يرتكب جريمة علنية، وإذا لم يتم إلغاء هذا التعيين غير القانوني (لظريف) قريباً، فسنقدم شكوى إلى القضاء، وعلى بزشكيان الرد». ويعتقد غضنفري أن «بزشكيان لن يستطيع الدفاع عن موقفه، وسيتم الحكم عليه بالسجن من 5 إلى 15 عاماً مع حرمانه من حقوقه الاجتماعية، مما يعني عزله الفعلي من الرئاسة».

في وقت سابق، وفي جلسة علنية لمجلس الشورى في 10 أكتوبر (تشرين الأول)، قال حميد رسائي: «بخلاف النص الصريح للقانون، قام بزشكيان بتعيين ظريف، الذي يحمل ابنه الجنسية الأميركية، نائباً له. هذا التعيين مخالف للقانون، والقضية ستتم إحالتها إلى القضاء». صحيفة «شرق» الموالية لجناح الإصلاحيين أثارت الجدل حول هذه الهجمات الشرسة من الجناح المنافس، وكتبت في عددها الصادر في 17 أكتوبر: «(ظريف يجب أن يرحل) هو الشعار الرمزي للهجمات الجديدة التي تشنها التيارات المتشددة بهدف تدمير بزشكيان والحكومة الـ14. هذه الهجمات التي بدأت بكلمات وتهديدات رسائي، واستمر فيها غضنفري وكوثري، وصلت إلى حد التهديد بمحاكمة الرئيس بسبب تعيين ظريف». (مقتطفات من الصحافة الإيرانية).

ويبقى السؤال: هل الشعب الإيراني موعود بالخلاص من معاناته؟ أم أنه مقبل على صراعات داخلية تفكك ما تم توحيده؟