عبده الأسمري
يأتي السلوك كمقياس ومعيار وأساس يعكس مستوى التفكير ومحتوى التصرف ويتباين في اتجاهات «مؤكدة» تتجلى في صورة براهين ودلائل على نوع «الشخصية» وسمات صاحبها وما يرتبط به من صفات تتجه إلى قطبي السواء والسوء وما بينهما من «متشابهات» ترجح إحدى الكفتين وفق الاحتكام إلى العقل والمنطق.
لو عدنا إلى «الفطرة» السوية التي خلق الله الناس عليها وارتبطت بالإنسان منذ «صرخة الميلاد» التي يتشارك فيها كل سلالة آدم فإنها تتوافق مع العقل ومع السلوك «القويم» حتى تأتي «التربية» لتدخل في تحديد هيئة المسالك الحياتية والتصرفات الذاتية وترسم «خارطة» التوجيه لها تحت محيط الأسرة وفي أطار المجتمع ووفق ما تتطلبه الأسس والأركان الأخرى من دين وعقل ومنطق ونظام وطبيعة وأصول وفصول تبنى منها لبنات «الشخصية».
نرى تلك المناسبات التي يجتمع فيها «ثلة» من السابقين إلى ميادين الشهرة بالسفاهة مع «قادمين» على أجنحة «التفاهة» ليشكلوا فرقاً بائسة ثم تبدأ بعد ذلك «سيناريوهات» الخروج عن المألوف في كل شيء في الصوت واللبس وطريقة الحديث ونوع السلوك ومعنى القول والتطبيل والتبجيل للحدث وصاحبه.
وعلى الجانب المؤسف يأتي مشهد آخر لآخرين أطلقوا على أنفسهم مجازاً وجزافاً «مذيعين ومذيعات» وهم بالأساس طرف أساسي في ذلك المسرح «الهزيل» من الخروج عن المألوف لتسمع الأسئلة الغريبة المريبة الموجهة لضيوف الشهرة والسهرة «البائستين» والتي تدور عن..كم رصيدك من المال وكم لديك من السيارات؟! ويا ليتهم يسألون سؤالأ أستراتيجياً ومفصلياً مفاده ..كم تملك من كمية التفاهة في رصيدك وما هو ردك على من يدينك بذلك وفق تصرفاتك المشهودة؟.
لقد فتحت وسائل التواصل الاجتماعي الأبواب على مصراعيها للسلوك الإنساني، وقد كشفت «اللثام» عن أمور كثيرة وتفاصيل متنوعة، وأوجدت مسارح ومنصات فرقت ما بين الأصيل من الدخيل وأظهرت الطبع والتطبع في سلوكيات البشر واللهاث وراء المال والمنافسة في «الشهرة البائسة» بأي شكل من الأشكال، والصور في ظل وجود طوابير من «المصفقين» في المسار الموازي لدروب الخروج عن المألوف والذين ينتظرون دورهم في الركض في ذات المضمار.
مع دخول وسائل التواصل الاجتماعي انكشفت الأقنعة وبرزت الوجوه واتضحت الشخصيات، والتي كانت تحتاج إلى تحليل والى دراسة ورصد، وأرى أن تستعين معامل علم «النفس الجنائي والسلوكي والسريري والمعرفي بما يدور في ساحات التقنية للتعرف على مضامين جديدة ودراسات حديثة في تلك التخصصات، وأن يتم دراسة «القضايا الجنائية» و»الجوانب الإنسانية» و»تحليل الشخصية» من واقع تلك المواقع التي اتجهت بشكل مخيف وبائس نحو الخروج عن «المألوف» واللعب على وتر «العاطفة» واصطياد «العقول» الجاهزة للتشكيل من المراهقين والمراهقات؛ لتحديد هيئة السلوك وطبيعة المسالك، وكل ذلك تحت هدف واحد وهو المال ولا غير المال الذي يتزاحم المشاهير ويتنافسون للحصول عليه بطرق مشروطة بالتفاهة والسفه وحتى التنازل عن الكرامة والحياء، لذا فإن «القاع» بات مزدحماً بشكل لافت!.
ما نراه من مقاطع وشواهد بواقع «الدليل» ووقع «البرهان» من تجاوز لمساحة المألوف سواء فيما يتعلق بمسالك تعكس صورة مشوهة للمجتمع وتثير «الألم» في قلوب من يشاهدها وتنشر «التشوه «السلوكي في آفاق الاستماع والمشاهدة والسمعة تقتضي وضع حدود وخطوط حمراء على تلك المساحات التقنية، ومعاقبة المتجاوزين لها حيث لمسنا أن ترخيص «موثوق» قد ضبط جزءا من التجاوزات، وقد بادرت هيئة تنظيم الإعلام بتنظيم العمل في الرخص المهنية، ولكن الأمر يتطلب فرض أنظمة صارمة ومحاسبة واضحة إضافية من جهات الاختصاص تتضمن الاستدعاء والعقاب لمن خالف النظام ووضع عقوبات لكل من يسيء للمجتمع ومقدراته وأصوله وفصوله.
التعليقات