البلاسيبو أو Placebo هو العلاج أو الدواء الوهمي الذي نتناوله، غير مدركين حقيقة مفعوله، وأصل الكلمة يعني باللاتينية «سأُرضِي» وتشير إلى علاج يبدو حقيقيا، ولكنه مصمم لعدم وجود فائدة علاجية له، والذي قد يكون له تأثير إيجابي، على صحتنا، وأحيانا قليلة تأثير سلبي قاتل. فالدواء الوهمي هو أي علاج لا يحتوي على خصائص نشطة، مثل حبوب السكر. وهناك العديد من التجارب السريرية التي تبين منها تحسن الوضع الصحي لبعض المرضى، مع أنهم تناولوا دواءً وهميا، بدلاً من الحقيقي، نتيجة الإيمان به. وقد مررت شخصيا بتجربة، سبق أن تطرقت لها؛ فقد فقدت قبل عام عدة كيلوغرامات من وزني نتيجة المشي اليومي، وأخذ إبرة السكر الخاصة بتخسيس الوزن، مع بقاء نظام الأكل كما هو، لأكثر من شهرين، واكتشفت ابنتي، بالصدفة، أنني لم أكن أستعمل الإبرة بطريقة صحيحة أبدا، ولم تدخل جسمي قطرة دواء واحدة، ومع هذا نقص وزني كثيرا!
قد يكون الإيمان بالعلاج، الوهمي، كافياً لتغيير مسار المرض الجسدي للشخص، وقد يكون له تأثير سلبي، فقد أُخضعت عينة من مرضى السرطان في أحد مستشفيات مانهاتن لتجربة غريبة، وسبق أيضا أن تطرقت لها، حيث قيل لهم ان الصلوات ستقام في كل كنائس أمريكا، من أجل شفائهم العاجل من سرطان متقدم. ولم يتم إعلام مجموعة أخرى مماثلة لها وفي نفس المرحلة العمرية والمرضية، بشيء. بعد شهرين تبين أن من توفوا نتيجة المرض من المجموعة الأولى كان أكبر قليلا من المجموعة الثانية، غير العالمة بموضوع الصلوات، والسبب، أن المجموعة الأولى شعرت بالراحة النفسية والأمل بصلاة الملايين طلبا لشفائها، فتهاونت في أخذ الدواء، بينما استمرت المجموعة الثانية، الجاهلة بموضوع الصلاة، في أخذ الدواء، كما يفترض.
يقال ان السياسي الراحل د.أحمد الخطيب، كان أحيانا يعطي مرضاه، بناء على إلحاحهم «إبرة الخطيب»، والتي كانت تحتوي على الماء فقط، وذلك عندما يصرّ المريض على الإبرة، بدلا من تناول حبة دواء.
قد يكون الدواء الوهمي عبارة عن حبة سكر أو حقنة ماء مالح أو حتى إجراء جراحي وهمي، وينشأ تأثيره للثقة بالطبيب ولاعتقاد الشخص في فائدة العلاج وتوقع الشعور بالتحسن، وليس نتيجة لخصائص الدواء الوهمية، فـ«الأدوية الوهمية غير النقية» هي أدوية لها تأثير نشط على الجسم، ولكن ليس على الحالة التي يتم علاجها. ولا يُعرف بالضبط كيف يعمل تأثير الدواء الوهمي، ولا يزال قيد البحث، إلا أن هناك عددا من العوامل التي تساهم في هذه الظاهرة، كتوقعات الشخص أو اعتقاداته بأنه سيتحسن. فالأشخاص الذين لديهم دافع ويتوقعون أن ينجح علاجهم هم أكثر عرضة لتجربة تأثير الدواء الوهمي. أو الشعور بتلقي الاهتمام والرعاية بسبب المشاركة في الدراسة. وقد يقلل هذا من مستويات التوتر ويحفز المواد الكيميائية المسكنة للألم في الجسم. كما للثقة بين الأطباء والمرضى علاقة بالأمر، ولا يعزو الباحثون تأثير الدواء الوهمي إلى علم النفس حصريًا. وقد يكون في أن الحالات تتحسن ذاتيا، مثل نزلات البرد الشائعة، والتصلب المتعدد والذئبة، التي تختفي فجأة. وقد يكون السبب تغييرا في سلوك المريض من خلال زيادة الاعتناء بنفسه، بممارسة الرياضة وتناول الغذاء الجيد والراحة، مع انخفاض القلق لديه، وتوقع الأفضل، أو لإطلاق المخ لمسكنات الألم الطبيعية في الجسم، وهي المواد الكيميائية المعروفة باسم الإندورفين.
الموضوع طويل، وطريف في الوقت نفسه.
أحمد الصراف
التعليقات