هذا الرقم لم يكن ليحصل، إلا بتواطؤ بين أكثر من طرف، ومن باب العدل والموضوعية يجب أن تتم محاسبة كل أطراف الفساد في موضوع تزوير الجنسية. فقد أدت سهولة التزوير والتجنيس بشكل غير دستوري وقانوني، إلى العبث في ملف الجنسية في اكثر من جانب بمكونات كثيرة في المجتمع الكويتي. وأي عملية تغيير لواقع استمر سنوات طويلة، بالتأكيد لن تعجب او يتقبلها ويوافق عليها الجميع بنسبة مئة في المئة.
وما حصل في الكويت بالفترة الأخيرة.. بعد فتح ملف تزوير الجنسية، الذي لطالما تحدث عنه وحذر منه الكثير بكل مرارة سنوات طويلة، ولم تُحرك الحكومات السابقة للاسف ساكنا، إلى أن فُتح وبقوة، من قبل النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف الصباح وبدعم مباشر وقوي من قيادة الدولة ممثلة في صاحب السمو.
فتح هذا الملف بقوة وجرأة، وما تلاه من ردود فعل متفاوتة، صفق له بقوة السواد الاعظم وأشادوا فيه بعد أن ظهرت الفضائح والقصص الغريبة والعجيبة عن أشكال التلاعب والاستغلال فيه.
تفاوتت ردود الأفعال بعد فتح هذا الملف وبدأ تنظيف العفن فيه، بين من كان سعيدا ولكن بصمت، ومن يراقب بحذر من دون تعليق، وبين من لم يعجبه الحال.
طبيعي أن كل هذه الأنواع من ردود الفعل لها مسبباتها، فمن أيده كان مقتنعا أن خللا ما يجب أن يحل منذ سنوات طويلة وحان وقته، ومن اعترض فبالتأكيد يخاف شيئا ما.
نقاشات كثيرة دارت حول هذا الموضوع، باعتبار أن هناك حالات من سحب الجنسية لم تعجب فئة معينة ولها مبرراتها التي قد تكون منطقية وقد لا تكون كذلك، إما انطلاقا من باب العاطفة أو الحذر المبالغ فيه.
عندما تكون في بيتك حجرة مغلقة سنوات وقد غطاها التراب وتراكم المخزون بداخلها رأسا على عقب.. وطُلب منك أن تنظف هذه الغرفة وتعيد ترتيبها، فهل تقوم قبل بدء التنظيف بانتقاء القطع التي قد تكون في أسفل أو في الوسط أو الأعلى لتخرجها أولا ثم تبدأ بالتنظيف؟ أم أنك تُخرج كل ما بداخل هذه الغرفة اولا.. ثم تقوم بتنظيفه، ليتسنى لك إعادة ترتيبها قطعة قطعة بشكل منظم ونظيف؟!
وهذا بالضبط ما يحصل حاليا بعد فتح ملف تزوير الجنسية.
لتتم إعادته نظيفا قانونيا ودستوريا، من الطبيعي انه قد تحدث بعض الاخطاء هنا وهناك، ما يحتاج إلى إعادة دراسة بعض الملفات بشكل ادق.
استغلال المناصب والحاجة في ظل غياب الرقابة والمحاسبة، حمل الدولة كثيرا من الفوضى والاخطاء.
ملف تزوير الجنسية ملف غير عادي، ولا أعتقد أن هناك دولة في المحيط البعيد أو القريب قد عقدت عزمها على تصحيح أخطاء قديمة تمس الوطن وبهذا الحجم.. اخطاء وتجاوزات.. تداعياتها ليست على صاحب العلاقة فقط، ولكنها على مستوى الوطن والمواطن.
هناك أمور لا ينبغي أن يتحدث فيها إلا صاحب العلاقة والمتخصص في أي اعتراض أو اختلاف وجهات النظر.
«تحتاج لنائب فاسد مرة في حياتك ليستفيد من صوتك مرة واحدة، ليسرق حياتك وحياة أبنائك والأجيال القادمة». وأنا أضيف لقول مهاتير محمد السياسي الماليزي البارز، «النائب الفاسد والمسؤول الفاسد» صاحب المنصب الذي قد تحتاج لخدمته مرة.. وبعدها نحتاج ادارة حازمة وقوية وعادلة، لاجتثاث هذا كله من جذوره.
الخطأ يجب ان يصحح وبقوة.. وبسرعة.
إقبال الأحمد
التعليقات