عبد الله سليمان الطليان

خلق الله الإنسان ذا عقل مميز عن (الأنعام) يعيش في هذه الحياة، ويستخدم هذا العقل الذي كرمه به الله لكى يعمر الأرض بالعمل والأكل من رزقه، هذا العمل أرشده إليه الله منذ أن خلقه على الأرض كانت الزراعة وتربية الماشية هي البداية لكي يحصل على قوته اليومي الذي ينمي جسده ويقويه.

راح الزمن يتطور بفعل العلم الذي جاء بعد استخدام الإنسان عقله، وأخذ يسعى نحو عمارتها بما يحقق رفاهيته، وهب الله بعض البشر عقولا متميزة في الذكاء والإبداع فراحت تكتشف في شتى أنواع العلوم التي أثارها حاضرة اليوم والتي لم تتوقف هذه الاكتشفات بل زادت وتيرتها مع الوقت، واتسعت دائرتها وأصبح هناك مراكز علمية ومؤسسات وشركات كبيرة، ومع التطور والتقدم صرنا مع الوقت نعيش في انتكاسة خطيرة تريد إرجاع هذا الإنسان إلى الغابات وتجرده من إنسانيته بدافع الحرية التي تعتبر مكبوتة بفعل تشريعات وقوانين عفى عليها الزمن.

لنترك الإنسان يمارس حريته الطبيعية لكي ينتج (مقولة) نجد اللبراليين هي شعارهم، إننا نعيش معاناة مدمرة بهذا الشعار، والغرب هو موطن هذه المعاناة التي دمرت الأخلاق التي سعى إليها الفلاسفة الذين كان بعضهم (ملحدين) مع هذا، لكن الأمر يستفحل ويستشري على نحو كبير، فالإجهاض وتعاطي المخدرات وغيرها تزداد بشكل مخيف في المجتمعات الغربية، وهناك من استفاد من هذه الزيادة من شركات أو عصابات منظمة ساهمت في اتساع مداها وانتشارها.

إنه واقع مأساوي وخطير، ويمثل انحطاطا أخلاقيا في القضاء على قيمة الإنسان المميز بعقله والعودة به إلى حياة الغابات، لقد ارتبط الإنسان بالحيوانات في الأكل وحمل المتاع والزينة، وبقربه منها أكثر في السابق ومعرفة طباعها في أن يسمي نفسه بأسمائها التي عادة ما تعبر عن القوة أو الشراسة أو في اعتقاد خاطئ عن الذكاء المرتبط بالخداع الذي هو صفة ليست من خلق الإنسان المميز بعقل، ولكن هذا حدث بسبب اختلاطه وقربه من الحيوان، وليت الأمر توقف عند الاسم، المصيبة هي أنه نزل إلى مستوى الحيوان في تصرفاته وسلوكه في الحاضر!!.

يقول الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}،

ويقول الله تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}.