تتمثل فلسفة النمو والاستدامة في المسار الذي يركز على تحقيق التوازن بين التطور الاقتصادي والاجتماعي وبين الحفاظ على الموارد الطبيعية والبيئة. هذه الفلسفة تسعى إلى تأمين مستقبل مستديم للأنشطة البشرية من خلال إدارة الموارد بفعالية وتقليل أي أثر سلبي مرتبط بمجالات ذات تأثير.
ولا شك أن هناك بعدا منهجيا ومسارا منتظما مهما يحتضن المسار التنموي السعودي فيتضمن الأسلوب الأمثل واللائق في معطياته، ومدخلاته ومخرجاته لتحقيق نمو واسع لا يقتصر على الاستراتيجية الأساسية نحو تحقيق الرخاء الاقتصادي المتنوع المتماسك ولكن في كافة المجالات والحقول الوطنية ذات العلاقة بالتنمية والتطور لتحقيق الغايات الوطنية، وتلبية رغبات المواطن.
ومن يتتبع الخطط والخطا ويغوص في عمق الاتجاه الحديث في الفكر التنموي السعودي يجد أن ثمة حركة خطية من خطوة إلى التي تليها، إذ تنتقل من الشكل التقليدي إلى الشكل الحديث أو المتحول إلى مجالات تنموية جديدة كالسياحة والصناعة، كما يرتكز في مكوناته المتجذرة على أربعة أبعاد تنموية مهمة تكمن في الدعم الحكومي الجاد والمستمر، والنمو الذي تمثله زيادة الإنتاجية والاقتصاد على مدار الوقت، والاستدامة التي تكمن في القدرة على الحفاظ على الموارد والبيئة لتحقيق مستقبل مستديم، والرقابة التي تهتم بالربط والضبط الفعال.
ويمكن فهم هذه الفلسفة الوطنية من خلال مضامين وسياق التوجهات العالمية الاقتصادية التنموية فهي تتألف من مجموعة من الرؤى التي تتقارب لتضع التنمية الاقتصادية في محور مساعي السياسة ومؤسساتها، وأيضًا على اعتبارها وسيلة ترسخ من خلالها القيمة والسيادة الوطنية ضمن المناخ السياسي داخليا وخارجيا.
ويرى كل مراقب أن النموذج السعودي في التنمية هو نموذج زاخر بالوعي السياسي الذي ينطلق من تأصيل العلاقة بين القيادة والوطن والمواطن وتثبيت قيم السيادة والاستقرار، والاقتصادي ويتضمن زيادة الإنتاج وتقليل الأحمال والأعباء المالية، والمعرفي المتمثل في اقتصادات المعرفة والتقدم العلمي ومواكبة التطورات المعرفية المؤثرة، والاجتماعي الكامن في تحسين المعيشة والصحة والتعليم، والبيئي الذي يعبر عن الحفاظ على الموارد الطبيعية، وقد أسهمت هذه الفلسفة السعودية التنموية -بفضل الله- في التوفيق بين الاتجاهات الحكومية والرغبات التجارية في سبيل ترقية المصلحة الوطنية إلى الحد الأعلى ودعم ركائز الثبات والاستقرار الوطني وتعزيز قيم الولاء والانتماء.
كما يرى المتأمل الواعي حجم التماهي المنضبط فإضافة البعد المرن والمتشكل من خلال وضع إجراءات إعادة تطوير مستقلة وناجحة للبنى القيادية والإجراءات الإدارية وتخفيف التعقيدات (حين تصبح هذه التغييرات ضرورية) مما شكل عاملا أساسيا من أجل تحقيق التوازن بين حاجات الدولة وأهمية تشكيل روابط اقتصادية دولية قوية معنية بالتنمية وضمان الاستدامة والحفاظ عليها بعون الله.
ولا شك أن رؤية 2030 وبرامج التحول هي بؤرة محورية تبرز فلسفة التنمية السعودية كانت تمثلاتها الواقعية والوطنية في تنمية واستدامة متزنة محاطة بالموارد الداخلية والخارجية التي بحول الله ستساعد في تحقيق استقلال اقتصادي أكبر، أكدتها الموارد المكتسبة من الفاعلية النشطة في الأداء لتحقيق مكاسب وطنية لها.
وقد قامت هذه الفلسفة الوطنية على تحقيق التوازن بين متطلبات واتجاهات التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية وتعزيز التعليم والوعي حول الاستدامة، والحفاظ على الموارد الطبيعية التي تحقق -بحول الله- النمو المستديم عبر استخدام الموارد بفعالية وتقليل الهدر، ومواجهة التحديات التي يمكن أن تشوش العمل التنموي مثل النقص في الموارد، والتغيير السلوكي، وإمكانية استخدام الوسائل الحديثة في محالات حيوية، وكذلك تخفيف الآثار الأخرى التي تنعكس بسلبية على نشاط النمو وفاعلية الاستدامة.
ويبقى القول: فلسفة النمو والاستدامة هي مفهوم أساسي لتحقيق مستقبل مستديم للأنشطة البشرية وتأمين مستقبل الأجيال القادمة بحول الله.. لذلك يتوجب علينا استيعاب هذه الفلسفة العميقة عبر أداء أدوارنا التي أُنيطت بنا كفاعلين وكذلك كمواطنين، فنعمل معًا لتحقيق التوازن بين التطور الاقتصادي والاجتماعي والحفاظ على الموارد الطبيعية والبيئية ونحرص على ذلك السلوك الواقعي المنسجم مع هذه الفلسفة الوطنية.
التعليقات