تسعى جميع الدول الى تحقيق الاكتفاء الذاتي في جميع المجالات.. ولأن الوصول الى هذا الهدف يشكل تحدياً صعباً فلا بد من وضع جدول الأولويات للبدء بالأهم حسب الإمكانات المادية والبشرية.. حيث إن بلادنا ولله الحمد تملك كثير من الإمكانات فقد وضعت الخطط للوصول إلى الاكتفاء الذاتي في عدة قطاعات وجاء توفير الغذاء على رأس هذه القائمة.. وكانت الجهود في الماضي قد بدأت بالتركيز على توفير التمر والقمح بكميات ربما تفوق حاجتنا وتشكل ضغطاً على مخزونات المياه.. ثم جاء الاهتمام بنوعية المحاصيل ذات القيمة الغذائية والاقتصادية حسب مستهدفات رؤية 2030 ومن أمثلة هذا الاهتمام الدعم المقدم من برنامج "ريف السعودية" الذي يعنى بدعم صغار المزارعين لتعزيز دورهم في إحداث فارق في نوعية الأمن الغذائي عبر الإنتاج الموسمي المميز من قبل الأسر الريفية المتوزعة في مناطق البلاد من أجل تحقيق مؤشرات استدامة قطاع الغذاء.

هذا البرنامج الحكومي دُشن لتحقيق التنمية الريفية وقدم للمستفيدين منذ انطلاقه مليار و900 مليون ريال استفاد منها أكثر من 71 ألف مزارع سعودي وركز البرنامج على دعم المنتجات النوعية مثل الأسماك وإنتاج وتصنيع القهوة السعودية وتربية النحل وإنتاج العسل وإنتاج وتصنيع الفاكهة وتربية الماشية إلى جانب هدف توفير هذه المحاصيل النوعية لتدخل تحت مظلة الأمن الغذائي السعودي فهي أيضاً دعم لصغار المزارعين ومحافظة على البيئة والموارد الطبيعية عن طريق زراعة اكثر من 41 مليون شجرة خلال العام 2024.. وفي مجال توفير الأسماك كرافد نوعي للغذاء تم تأسيس مركز إنتاج السلمون في منطقة حائل وهو تابع لوزارة البيئة والمياه والزراعة تحت مظلة البرنامج الوطني لتطوير قطاع الثروة الحيوانية والسمكية بالشراكة مع جامعة الملك عبدالعزيز.. وتبلغ طاقة المشروع 100 ألف طن سنوياً ويهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي في السعودية ودعم البحوث التطبيقية لتطوير قطاع الاستزراع السمكي ولرفع الإنتاج المحلي من الأسماك حسب مستهدفات رؤية 2030.

وأخيراً: أعلنت الهيئة العامة للإحصاء نتائج نشرة إحصاءات الأمن الغذائي لعام2023 وقد حققت التمور أعلى نسبة اكتفاء ذاتي من المنتجات النباتية بلغت 119 % وبعدها إنتاج الخضراوات بجميع أنواعها وبنسب متفاوتة.. ثم جاء الروبيان بأعلى نسبة اكتفاء ذاتي بلغت 147 % وكذلك منتجات الألبان بنسبة 129 % ثم بيض المائدة بنسبة 100 % وبعدها لحوم الدواجن واللحوم الحمراء بنسب أقل وآخرها الأسماك بنسبة اكتفاء قدرها 48 % فقط.. ويلاحظ من خلال هذه الإحصاءات جهود وزارة البيئة والمياه والزراعة بقيادة وزيرها المهندس عبدالرحمن الفضلي ومساعديه بتحقيق مستوى أفضل من المنتجات المهمة لدعم الاكتفاء الذاتي النوعي في مجال الغذاء بعد توافر التمر والقمح ولله الحمد.. والمؤمل أن تؤدي هذه الجهود إلى رفع نسبة إنتاج المواد المهمة التي لم تصل بلادنا إلى الاكتفاء الذاتي فيها كما أن من المؤمل جهود وزارة الصناعة والثروة المعدنية التركيز على حث المصانع القائمة وتشجيع إنشاء مصانع جديدة لتصنيع المنتجات الزراعية الزائدة عن حاجة السوق المحلي بحيث يمكن الاستفادة منها للاستهلاك المحلي أو التصدير بدل أن تنتهي إلى مخلفات لا يمكن الاستفادة منها بأي حال من الأحوال.