من الواضح أن هناك استقبالاً كبيراً من دول ومؤسسات للتغيرات التي حدثت في سوريا، وتحدث أمام أعيننا تقريباً بشكل يومي، كما هناك تفاؤل يعم معظم المجتمع السوري، ليس فقط بسب وصول قوى جديدة للحكم في سوريا، ولكن أيضاً اتجاه البوصلة التي اتخذتها حتى الآن الإدارة الجديدة، من أجل إنقاذ سوريا مما كانت عليه من سوء.

استقبال رئيس الولايات المتحدة للرئيس السوري في الرياض، ودعوة العواصم الخليجية لفتح صفحة جديدة مع ما يحدث في سوريا، أخبار طيبة لاستقرار الإقليم. وقد استقبلها الشعب السوري استقبالاً يليق بما تحمله من أمانٍ في المستقبل.

واضح أن أمام النظام الجديد في سوريا عقبات كبيرة، تستحق أن يتعامل معها بحذر وبذكاء، وبخطوات أيضاً ليست بطيئة، أول هذه العقبات، هو خلفية المجموعة التي وصلت إلى الحكم، وهي خلفية لا يجب أن نتجاوزها بخفة، فهي تعتمد على الفكر الذي يمكن أن يكون جامعاً للقوى الغاضبة سابقاً، ولكنه لا ينسجم مع يتطلبه بناء الدولة الحديثة.

بناء الدولة الحديثة له متطلبات مختلفة عن متطلبات معارضة الحكم المتسلط السابق، لعل أبرزها هو بناء دولة قانونية عادلة، لا تتكئ على فكر أصولي سابق، وإنما على أدوات الحكم الحديثة، وهي معروفة للكافة، وخاصة النخب السورية.

اللغة الخشبية التي اعتمدها النظام السابق، نفّرت الكثير من القوى في الداخل السوري وخارجه من ممارسات ذلك النظام، الذي اعتقد في وقت ما أنه معلم للعرب، وعليهم أن يستمعوا إلى خطاباته الجوفاء، التي كانت تأخذ ساعات في بعض الأوقات في اجتماعات القمم العربية، أو ممثليه في المحافل الخارجية، الذين يرددون كالببغاء شعاراته.

ذلك تاريخ مضى، نحن اليوم أمام استحقاقات مختلفة، تُبنى على أساسها استحقاقات المواطنة والتنمية والعدل، وأن القانون المدني الموضوع من الناس، ويحقق طموحاتهم فوق الجميع، وهو قانون يجب أن يكون عادلاً، لا يميل إلى هذه الفئة أو تلك أو مؤدلجاً.

ما تحقق حتى الآن في سوريا إيجابي إلى حد كبير، ولكنه ليس نهاية المطاف، حتى بعض الوثائق التي تمت صياغتها بسرعة، تحتاج أيضاً إلى إعادة نظر، وتحتاج أيضاً إلى سرعة في توسيع قاعدة المستفيدين من النظام الجديد.

ما زال عدد من الدول في العالم، وأيضاً العربية التي تتصف بالاعتدال، يراقب ما يحدث في دمشق، على أمل أن يتطور الأمر إلى ما يرتجى، وأن تكون سوريا بلداً مستقراً، يحتوي في نظامه السياسي كل مكوناته بعدل وإنصاف.

إلا أن المخاطرة أيضاً ممكنه، ففي الاستحواذ على السلطة شهية، تؤدي إلى قصر في النظر، ترتكز على فكرة ثبت خطؤها، وهي أن من لديه السلطة هو المطاع! ذلك فخ لا يجب أن يقع فيه النظام الجديد.

هو قصر نظر وقع فيه النظام السوري السابق، وكذلك النظام العراقي السابق، وعدد من الأنظمة العربية.

السلطة يجب أن تحترم، لكنها يجب أيضاً أن تكون لها بوصلة تتوخى الخير العام، والحداثة والعمران. ذلك لن يحدث إلا من خلال التوافق الأوسع بين كل شرائح المجتمع، والبعد عن اللغة الخشبية التي اتكأت في السابق على التعبيرات (القومجية)، كما لا يجب أن تعاد اللغة الخشبية متكئة هذه المرة على تعبيرات (تراثية)!

سوريا والمنطقة تستحقان الأفضل..!!