عبده الأسمري
توشم قلبه بتفاصيل «القرية» وتوسم «وجدانه» بمواويل «الطبيعة» حتى حمل «فرويته» الراسخة في رحلة تجللت بالهوية وتكللت بالعفوية ليقارع بها «أجواء» الاغتراب محولاً «المسافات» المفروضة إلى «استيفاءات» واجبة أمام مرأى «الزمن».
حزم «عزمه» ليداهم «الغربة» بفضاءات «رواية» ترسخت في «أفق» الذاكرة بواقع «الدهشة» ووقع «الاندهاش» تاركاً «الساحة» مشتعلة بالتراجم أمام إصرار «الجد» واعتبار «النقد».
حول «كلام الليل» إلى «عناوين» بارزة شكلت دهرين من «الكتابة» أحدهما للفكر والآخر للعبر في «تفاصيل» انفلتت من «عقال» المألوف واستقرت في «عقل» الإبداع.
سكنته «حكايات» العابرين على «معابر» البساطة فظل يغني لهم «الأناشيد» القروية في مهاجع «الحنين» ومضى يرسم «الزوايا المنفرجة» في فضاءات من «التبصر» نال منها «النصر» بشواهد «الفرق» ومشاهد» التفوق».
إنه الكاتب والروائي أحمد أبو دهمان رحمه الله أحد أبرز الروائيين السعوديين ومؤلف أول رواية سعودية باللغة الفرنسية.
بوجه جنوبي يعكس «أصول» النشأة وفصول «التنشئة» مع تقاسيم ودودة تتماثل مع والده وأعمامه وتتكامل مع والدته أخواله وعينان تسطعان بنظرات «التروي» ولمحات «الإنصات» ومحيا عامر بهندام أنيق وبسمة جائلة تتناوب مع «صمت مهيب» وشخصية هادئة الطبع سامية الطباع أنيقة الحضور لطيفة القول حيادية الرأي راقية التعامل وصوت مسجوع بعبارات «عميقة» تتماثل ما بين العربية «الفصيحة» والفرنسية «الواضحة «تتعالى منها ومضات «الادب» وتسمو وسطها امضاءات «الثقافة» ولكنة «جنوبية» مسكونة بجميل «التسطير» وأصيل «التعبير» وحضور تواءم ما بين «شفافية» الحوار و»أمانة» المشهد قضى أبو دهمان من عمره أكثر من خمسة «عقود» وهو يرسم خرائط «المكانة» للرواية السعودية الأصيلة الخارجة من «رحم» القرية والمتجهة إلى أبعاد «المدينة» والثاوية في «أهل» التحليل موجهاً «أهداف» الكتابة من عمق «السرد» إلى أفق «التفكر» أديباً وروائياً ومثقفاً وضع أسمه في قوائم «البارعين» وترك صيته في مقامات «المبدعين» بوقائع «التوفيق» وحقائق «التفوق».
في قرية «آل خلف» الموشحة بإرث المكارم وأثر الفضائل والماكثة في محيط محافظة سراة عبيدة بمنطقة عسير والتي قدمت للوطن «نماذج» مذهلة من الأدباء والمربين والأكاديميين والقياديين ولد عام 1368هـ/ 1949م وسط بيئة «جنوبية» مكتظة بمناهج الكرم والجود والمروءة والشهامة وتفتحت عيناه على «والد كريم» من وجهاء قومه وأم فاضلة من فضيلات جيلها وارتهن صغيراً إلى مقومات» تربية» ملأت قلبه بموجبات «النصح» وعزائم «التوجيه».
تعتقت نفسه صغيراً بنسائم «الحصاد» في حقول قريته وتشربت روحه أنفاس «السداد» وسط مجالس عشيرته فتشرب «الطفل النابه» مواجيب «النبل» وواجبات «الفضل» في منهجية قروية امتزجت بأصول «القبيلة» وفصول «الفضيلة» فنشا في «كنف» دوائر «مبهجه» أهدته مغانم «الصدق» ومنحته غنائم «الوفاء» في مدارات «تربوية» مثلى ملأت أعماقه بروائع «الصفات» وبدائع «السمات».
ركض طفلاً مع أقرانه بين مرابع قريته مراقباً «أناشيد» الحماة بين المزارع مع بواكير الفجر ومرتقبا «ألحان» الرعاة وسط المراعي مع شروع الأصيل مكملاً المساء برصد «الذكريات» في كشكوله «الملون» الذي ملأه بوميض الشعر المبكر ووسمه بفيض الشعور الباكر وذيله بتواقيع «ملونة» كانت له بمثابة «وعود» مع الذات لصناعة «المكانة» من امضاءات «التمكن» ونيل «الأمنيات» أمام اضاءات «الطموح».
تلقَّى دراسته الابتدائية في قريته «الصغيرة» وأكمل المرحلة المتوسطة في مدينة أبها، ثم درس الثانوي في معهد المعلِّمين بالرياض، ليعود إلى مرابع ديرته» بعد تخرُّجه مرتبطاً بمهنة «التدريس» في فترة محدودة لمدَّة ثلاث سنوات.
ولأنه مسكون بالعلا حزم «حقائبه» إلى الرياض في رحلة للبحث عن «وجه» الأماني المنتظر حيث واصل تعليمه الجامعي بجامعة الملك سعود وحصل منها على درجة البكالوريوس من قسم اللغة العربية بدرجة ممتاز ثم تم تعيينه معيدًا في الجامعة لفترة وتم ابتعاثه إلى جامعة السوربون الفرنسية «العريقة» عام 1979 لمواصلة دراساته «العليا» ونال منها درجة الماجستير.
بعد انهاء دراسته قرر «الإقامة» في باريس ومضى يرصد في أوراقه «الأبعاد» المكانية والزمانية بين ذكريات «قريته» الجنوبية الراسخة في عمق ذاكرته البيضاء وإمضاءات «غربته» الحاضرة المقيمة في أفق أمنياته العصماء فمضى يقيم «صروح» التفكير» على أركان من «التدبير» حتى بدأ نسخ «خيوط «الحكايات المحفوظة في صدور «الرجال» والمرويات المنقولة عبر مجالس «الأجداد» وترسخت في عقله الصور الذهنية المشفوعة بمسالك «الطيبين» وقصص «الأنين والحنين واليقين» التي تشكلت كمزيح فاخر لصناعة روايته «الحزام» التي جاءت على «اجنحة» الإلهام وتشكلت من بذور «البدايات» ونضجت بعد قطع «المفازات» لتخرج في رداء «مطرز» بروح «القرية» ومعزز ببوح «الهوية «وسط «انتظار» تحول إلى «انبهار» وضع «الرواية الفريدة» في متون «ثمان» لغات عالمية ملأت «القارات» باثر «وطني» وتأثير «أدبي» وصبغة «جنوبية» تماثلت بين الشعر والشعور وترسخت في شأن «التحليل والتفضيل».
نشرت دار «غاليمار» رواية الحزام بالفرنسية عام 2000 كأول روائي من شبه الجزيرة العربية يؤلف بالفرنسية وترجمها بنفسه إلى اللغة عربية، ونشرتها دار الساقي للطباعة والنشر. وفي نوفمبر 2016 استضافته مكتبة الملك عبد العزيز العامَّة بمدينة الرياض، لمناقشة روايته وتمنى تحويل روايته إلى «فيلم سينمائي».
تم تعيين أبو دهمان مديراً لمكتب مؤسسة اليمامة الصَّحَفية في باريس وكان يكتب في عمودٌ أسبوعي في جريدة الرياض السعودية، بعنوان «كلام الليل»، وعمل في منصب الرئيس التنفيذي لمؤسسة الحِزام للاستشارات الإعلامية في الرياض.
انتقل أبو دهمان إلى رحمة يوم الأحد 23 جُمادى الآخرة 1447هـ الموافق 14 ديسمبر 2025م بعد رحلة مضيئة قضاها متنقلاً بين وطنه وغربته، ووري جثمانه ثرى «الرياض» التي عاش فيها الفترة الأخيرة من حياته ..وقد نعته العديد من الجهات الرسمية وامتلأت وسائل الإعلام ووسائل التواصل بنبأ «الرحيل» مقترناً بعبارات «تعازي» اكتظت بألم الوداع من رفقاء دربه وزملاء مرحلته ومعارفه وتربعت «الحزام» على عناوين «المشهد» كوجه مضيء عرف العالم بالراحل وأبانت قوة «العمل الفريد» نوعياً والذي أكد «ترجيح» كفاءته و»رجاحة» فكره وبعد «نظره» الذي سبق «موازين» التوقع بمضامين «الوقع» الروائي الأصيل الراسخ على صفحات «الثقافة».
فقد أمه ولم يجد لها صورة فزرع «الريحان» وظل يستنشق عبيره باحثاً عن وجهها «الغائب» وظل يصدح بجملته «الشهيرة» ليس أعظم من أن تصحو على «وطن شجاع» ومضى يبتعد عن أضواء «مختلفة» لا تشبهه باحثا ًعن «الضوء» المستحق في تكريم منتظر واستحقاق واجب حتى رحل تاركاً في «الوجدان الأدبي» ملاحم مستديمة من الانفراد المشفوع بسيرته ومسيرته.
أحمد أبو دهمان.. سفير الرواية عالمياً والوجه الأدبي المضيء والمثقف الإنساني البارز صاحب السيرة الفريدة في عالم «الأدب» ومعالم «الثقافة».
















التعليقات