ارهابية ام جنائية:
لم ينجح البشر في تحقيق حلم افلاطون في انشاء مدينته فاضلة. يبدو فيها كل شيء على خير ما يرام، وتتوفر فيها السعادة للجميع . ولن ينجحوا، كذلك هي سنة الحياة وتلك هي قوانينها والبشر هم ابناؤها الذين لن يصبحوا ملائكة او ابالسة. و كذلك لليوتوبيية الافلاطونية ولواقعية الفكر البشري.
ولم تساعدهم كل المبادئ والافكار التي قدمها افلاطون للمجتمعات البشرية في تطبيق ذلك.
يكاد لا يخلو مجتمع من المجتمعات، النامية منها او المتقدمة من وجود نسبة من البشر عصية على التفاعل الايجابي في مجتمعاتها، ولا تنفك تخلق المشاكل والجرائم وتعكر صوف بقية اقرانها، وقد تكون في احسن احوالها عالة على المجتمع، وغير منتجة، ولكن النسبة هي من تختلف من بلد الى اخر فقد نجدها في ادنى الحدود في بلد متقدم، وفي اعلى الحدود في بلد يعاني الجهل والفقر والاستبداد.
الحكاية، هي حكايتنا نحن الغرباء الذين قدمنا الى بلدان، نلتقي مع مواطنيها في الانسانية ونختلف معهم في الدين والمعتقد والثقافة الاجتماعية وحتى مستوى المدنية واللغة.
كيف لنا ان نحمي انفسنا ومستقّبلينا من حالة الصدام والتنافر و سوء فهم الاخر واتباع المفاهيم العمومية؟، عماد منطلقنا في دولنا الجديدة هو ما نملكه من قيم اخلاقية وانسانية وحضارية، وما نحمله من مبادئ اخلاقية دينية ومجتمعية، لئلا نتركب المخالفات الغير مقصودة في هذا المجتمع الجديد وضد قوانينهحتى نتعرف عليها، بالتأكيد لا تعمم قوانين مجتمع على مستوى باقي الدول، فلكل مجتمع ضوابطه وقيمه وقوانينه المختلفة من مجتمع الى اخر، وأخذ هذه المنظومة في اطار التدويل لها، خطأ يقع فيه الطرفان، الوافد والمحلي.
مئات الالوف من المواطنين الفارين بسبب الحروب المندلعة في بلداهم الاصلية فروا ولجوء الى الدول الاوربية. مئات الالوف هذه سوف تبدأ حياتها من نقطة الصفر سكناً وتعليماً وعملاً وانتاجيةً، الى باقي تفاصيل الحياة التي احتجنا لعقود لكي نرتبها كما نريد، من جهتهم اي الحكومات الاوربية، تنفق الاموال اللازمة لتامين معيشة كريمة لائقة بهؤلاء الوافدين الجدد وتحضيرهم ليندمجوا في مجتمعاتهم ويصبحوا جاهزين للعودة للعمل والفعالية من جديد في المجتمع الجديد ابتدأً.
تطفو على سطح الصحف وعناوين نشرات الاخبار والمواقع الالكترونية وكذلك الحال مواقع التواصل الاجتماعي، اخبارٌتتعلق باللاجئين(توجه سلبي محبط)، وتحديداً من يرتكبون منهمالجرائم او الذين يشتبه فيهم. كل تلك الحوادث المسيئة تشكل ثقلاً وحملاً اضافياً على كاهل اللاجئين عموماً وتدفعهم للشعور بالإساءة وملامستها عن قرب، وكان لحادثة كولن الالمانيةالشهيرة، عشية رأس السنة و حادثة برلين وانيس العامريالاخيرة، أثر كبير في تغير التعامل والتعاطي العام مع اللاجئين، حيث تغير المزاج العام من مرحب الى حذر ومتخوف من التعامل مع هؤلاء الغرباء الجدد، وعلى الصعيد الحكومي، ازدادت الرقابة عليهم.
ألم يكن حريا بتونس ان تعلن الحداد هي الاخرى تضامنا مع المانيا ومأساتها؟ ألم يكن المعتدي عربيا ومسلما؟ ألم يكن يجب على الدول العربية والاسلامية ان تدين هذه الجريمة الارهابية بشكل اكثر وضوحا وقوة؟.
اقتباس:
النقطة 12 من الفقرة الاولى من ميثاق الصحافة الالماني:
عند تغطية الحوادث الجنائية لا يجوز ذكر الطائفة او العرق او الاقلية التي ينتمي اليها المشتبه به، الا في حال وجود مبرر ضروري لذكر ذلك او اذا كانت هذه المعلومات ضرورية لفهم خلفيات الحدث.
ويجب الانتباه الى ذكر هذه المعلومات قد تؤدي الى تذكية الاحكام المسبقة تجاه الاقليات.
هؤلاء اللاجئون هم بشر وليس ملائكة او اشرار، فيهم الصالح وكذلك الحال الطالح، ومن الطبيعي ان تحدث تجاوزات قانونية وجرائم من جهتهم، ويحرص بعض الاعلام الالماني مثلاً (القناة الالمانية الاولى متهمة بمحاباة اللاجئين) وهو يستحق الثناء هنا بتعاطيه الحذر مع هذه المسألة، لجهة عدم التعميم او استثمارها، كوسائل اعلام غربية او عربية تصطاد هنا وتبث رسائلها المظللة.
التعاطي مع الجرائم التي يرتكبها اللاجئون يجب ان يتم بحساسية كبيرة، اضف الى ذلك يجب الالتزام
بميثاق الشرف المهني الاعلامي، من عدم ذكر جنسية او ديانة او قومية الجاني لعدم انعكاس ذلك سلباً على تقييم مجتمع بأكمله بذلك. كما يجب عدم الخلط بين الجرائم العادية منها والارهابية، لاعتبار الجنائية منها حالة طبيعية كما اسلفت متعلقة بثقافة المجتمع ومدى تمدنه، اما الاخيرة فهي دخيلة ووليدة غير شرعية للألاعيب السياسية الغير وطنية.
لتخفيض نسبة الجرائم العادية تلجأ الدول لاتباع طرق متعددة منها احترازي واستباقي ومنها لاحق لوقوع الجرم ويكون من النمط الايجابي والتحفيزي، فالبرازيل مثلا تخفض اربع ايام من عقوبة السجن عن كل كتاب يقرأه السجين، والالمانية تتبنى سياسية ليبرالية وترفيهية في سجونها ولا تعاقب على محاولة الفرار من السجن.
تتجه الدول الى اتباع اساليب اصلاحية مع المجرمين، بغية اعادة تأهيلهم من جديد، ولعل الشباب يشكون النسب الاكبر من اللاجئين وهذه الفئة العمرية، هي الاكثر ارتكابا للجنح في مختلف البلدان
اللاجئ قد يخطئ في التعامل مع المواطن المحلي وفق تقديرات هذا المواطن بالاستناد الى ثقافته وقيم مجتمعه، وهذا امر اعتيادي لاختلاف الثقافة بين الطرفين، وقد يرتكب اللاجئ جرائم جنائية او جنحيه ، وهنا الامر متعلق بشخص المرتكب والميول لديه نحو خرق القوانين ، وهذا الامر هو الاخر يعتبر ظاهرة فردية وشخصية، الامر المربك ما هو ارهابي الوصف من جرائم، لربط الاعلام تلك الجرائم بدين او عرق محدد مما يسبب اساءة تقابل الجرم.
اللاجئون عموماً يعانون ضغوطات كبيرة منها ما هو متعلق ببلدانهم الاصلية واخرى اسرية والحديثة منها مواضيع متعلقة بالدول المضيفة لهم، فتأتي هذه الاحداث لتزيد الضغوطات اكتر وترهقهم بشكل كبير.
نحن لاجئون، و لاجئون بشرٌ ينتمون للحياة و الحرية.
لاجئو الحرية ما استطعنا اليها سبيلا!.
قوانين على الهامش:
بعض قوانين المرور في المانيا:
قيادة السيارة واستعمال الهاتف المحمول، غرامتها60 يورو وفقدان نقطة.
عدم وضع حزام الامان 40 يورو.
رمي اعقاب السجائر15 يورو.
تجاوز المشاة والدراجات الهوائية، للإشارة المرورية الحمراء5 يورو.
اهانة رجال الشرطة ( 1000 - 4000 يورو) .
ابراهيم عبد الرحمن
التعليقات