في الوقت الذي يغرق فيه النظام الإيراني في أزماته المتلاحقة، سواء على الصعيد الداخلي أو الدولي، يبرز المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كبديل حقيقي يحمل آمال الشعب الإيراني نحو الحرية والديمقراطية. هذا ما أثبتته التظاهرات الحاشدة التي نظمها المجلس في 18 و19 نيسان (أبريل) 2025، حيث خرج الآلاف من الإيرانيين الأحرار في 14 عاصمة ومدينة كبرى عالمية، من برلين إلى سيدني، ليطلقوا صرخة مدوية ضد الإعدامات والقمع، رافضين كل أشكال الدكتاتورية، سواء كانت باسم الشاه أو الملالي.

النظام الحاكم في طهران يواجه اليوم أزمة مشروعية غير مسبوقة. منذ تولي مسعود بزشكيان الرئاسة في آب (أغسطس) 2024، ارتفع عدد الإعدامات بشكل مخيف، ليصل إلى 1015 حالة، وفقًا لمنظمة العفو الدولية التي أكدت أن 64 بالمئة من الإعدامات العالمية في 2024 كانت في إيران. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل دليل على وحشية نظام فقد شرعيته أمام شعبه والعالم. في الأيام التي سبقت التظاهرات، أُعدم 22 سجينًا في 10 سجون إيرانية، بينهم خمسة سجناء سياسيين وثلاث نساء، فيما يواجه ثمانية آخرون من مؤيدي منظمة مجاهدي خلق خطر الإعدام الوشيك بعد نقلهم إلى سجن "قزل حصار"، المعروف بكونه مسرحًا للإعدامات.

هذه الأزمة الداخلية تتزامن مع عزلة دولية متزايدة للنظام. الحرس الثوري، الذراع القمعية للملالي، يواجه ضغوطًا متزايدة لتصنيفه كمنظمة إرهابية في أوروبا، فيما تتردد الدول الغربية في التعامل مع نظام أثبت فشله في تحقيق أي استقرار داخلي أو إقليمي. النظام الذي نهب ثروات إيران واستخدمها لتمويل الحروب بالوكالة في المنطقة، يجد نفسه اليوم محاصرًا بغضب شعبي متصاعد يرفض استمرار الظلم والقمع.

في المقابل، يقدم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية نفسه كبديل ديمقراطي قوي، يمتلك القدرة على توحيد الإيرانيين في الداخل والخارج. التظاهرات المتزامنة التي نظمها المجلس في 14 عاصمة، من باريس إلى لاهاي، لم تكن مجرد احتجاجات، بل رسالة واضحة إلى العالم: الشعب الإيراني لن يستسلم، ولديه قيادة موحدة قادرة على قيادته نحو التغيير. هذه التظاهرات، التي ضمت آلاف الإيرانيين الأحرار، أظهرت قوة تنظيمية وشعبية هائلة، حيث رفع المتظاهرون أعلام إيران القديمة التي تحمل الأسد والشمس، وهتفوا بشعار انتفاضة 2022: "الموت للظالم، سواء كان الشاه أو الملالي".

السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة، خاطبت المتظاهرين عبر الفيديو، مؤكدة أن الشعب الإيراني مصمم على إقامة جمهورية ديمقراطية لا مكان فيها للدكتاتورية. وقالت: "شعب إيران مصمم على إقامة مجتمع من خلال ثورة ديمقراطية لا مكان فيها للشاه أو خميني أو طغيانهما اللا إنساني". هذه الرؤية التي يقدمها المجلس، والتي تتضمن خطة من عشر نقاط لإقامة دولة علمانية ديمقراطية، تجعل منه البديل الأكثر مصداقية لنظام الملالي الفاشل.

ما يميز المجلس الوطني للمقاومة هو قدرته على تعبئة الجماهير الإيرانية في المنفى، وتحويل معاناة الشعب إلى حركة عالمية تطالب بالعدالة. التظاهرات التي شهدتها عواصم مثل برلين وباريس وسيدني لم تكن مجرد تعبير عن الرفض، بل دليل على وجود قوة منظمة تمتلك قاعدة شعبية واسعة، قادرة على تحدي النظام وتقديم رؤية بديلة. مشاركة سياسيين ونشطاء حقوق إنسان عالميين، مثل دومينيك أتياس في باريس ومارتن باتزلت في برلين، تؤكد أن المجلس قد نجح في كسب تأييد دولي واسع، مما يعزز مكانته كممثل شرعي لتطلعات الشعب الإيراني.

في ظل هذه التطورات، يبدو أن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية قد أصبح التكية الحقيقية للشعب الإيراني في نضاله ضد نظام الملالي. النظام الحاكم، الغارق في أزماته، لم يعد قادرًا على مواجهة هذه القوة الصاعدة التي تحمل آمال شعب يتوق إلى الحرية. التظاهرات المتزامنة في 14 عاصمة هي بداية لمرحلة جديدة، ستشهد تصاعد هذا النضال حتى تحقيق النصر الذي يستحقه الشعب الإيراني.