مع ظهور مصطلح الإرهاب على الساحة السياسية أصبح الجميع يتهافتون على استخدام هذه المفردة المقززة ضد من يعاديهم، فالأتراك يسمون الكورد إرهابيين، والإيرانيون يسمون أعداءهم من العرب والكورد بالإرهابيين، وإسرائيل تسمي الإيرانيين وحلفاءهم بالإرهابيين، وسياسيو المسلمين الشيعة يسمون المسلمين السنة بالإرهابيين، وسياسيو المسلمين السنة يسمون المسلمين الشيعة بالإرهابيين، وهكذا الجميع يستخدم هذه المفردة ضد أعدائهم وتحت هذا الغطاء كلهم يمارسون الإرهاب، وكل حسب طريقته، فيما انتقامهم من المواطنين العزل هو رد على الإرهاب، وكأنهم عثروا على ما يبرر بشاعة سلوكياتهم.

والمضحك المبكي أنهم جميعاً حمائم سلام حين يدافعون عن أنفسهم، وحين ينطقون ينادون بالسلام والمحبة والتعايش والتسامح، وكلهم يؤمنون بالديمقراطية وحق تقرير المصير للشعوب.

في المحصلة: السوري يُذبح، والعراقي يُذبح، والفلسطيني يُذبح، والكوردي يُذبح، واللبناني يُذبح، لكن التركي والإيراني والإسرائيلي يتهم الآخرِين بالإرهاب ولا يمسهم الإرهاب. بمعنى أدق: المذبوح هو الإرهابي!

الكوردي الذي يُهدم عليه سقف داره بالقنابل، ويُطارد من أرضه وتُسبى نساؤه هو إرهابي، الفلسطيني الذي يعيش في العراء بسبب الإرهاب هو إرهابي، وغيرهم من الأبرياء إرهابيون! أي قانون هذا؟ وأي اتهام؟

كل الكلام أعلاه لا يحتاج إلى إثبات، فهو واضح لكل ذي بصيرة، ولكن للأسف، هناك عشرات الملايين من المغفلين من سكان هذه المنطقة، منطقة الشرق الأوسط، ممن يعتقدون بسذاجة، وبما لا يقبل الشك، وهم على يقين، كما يظنون، بأنَّ الإرهاب مصدره فعلاً هؤلاء الأبرياء المذبوحين. وإذا قال لهم كاتب أو مثقف بأنَّ مصدر الإرهاب ليست الشعوب بل الأنظمة الحاكمة القابعة خارج الحدود، انقلبت الدنيا عليه، ونعتوه بالبوق الإعلامي لهذه الجهة أو تلك، وحتى يشككون بطهارة مولده!

تركيا تقتل الكورد خارج حدودها بحجة مطاردة الإرهاب والدفاع عن أمنها القومي، إيران تقتل العرب السنة والكورد خارج حدودها بحجة مطاردة الإرهاب والدفاع عن أمنها القومي، والمغفل الذي يقتل أخاه انصياعاً لهوس هؤلاء بحجة الدفاع عن دينه ومذهبه، يفتخر ويتفاخر بما قدمت يداه.

وإذا ما تجرأ كائن من كان، من هؤلاء الذين يخدعون أنفسهم بأنهم يقاتلون الإرهاب، وتجرأ بمد يده على إسرائيل ليستعرض نفسه أمام الآخرين بأنه جاء لمحاربة إسرائيل، وأنه صادق الإيمان، وأنه على الصراط المستقيم، تأتيه اللطمة على الوجه فيذهب متوسلاً راكعاً إلى أميركا أن يبقوه حياً ولا ينهون وجوده، كي يستطيع العودة وقتل الأبرياء من أبناء ملته... ملعونين أذلاء كتب الله عليهم الخزي والعار.

سيبقون يخوضون ويلعبون بمشاعر الشعوب، ويتلاعبون بالدين، ويقتلون الآمنين، حتى تحين اللحظة التي تظهر فيها عوراتهم للملأ، ويذهبون إلى مزابل التاريخ بأرجلهم، غير مأسوف عليهم، حال الذين سبقوهم بالظلم والإجرام.