بعيدا عن ما يحدث الان من صولات بطولية يقوم بها الجيش العراقي، وبشهد لها كل العراقيين ومن كل التلاويين القومية والدينية، والتي مثار افتخارنا كلنا، سواء كانت هذه الصولات في صلاح الدين او الانبار او نينوى، فان ما يثار كر مرة حول وطنية مؤسسة الجيش العراقي منذ تأسيسة وبكل ذكرى تاسيسة التي اصطلح على الاحتفال بها في السادس من كانون الثاني من كل عام، هو امام محاولة تبيض ما او تزوير او حتى تشويه للوطنية العراقية، يجب ان يقف العراقيين تجاها بحذر وان يتم دراسة هذا التاريخ، تاريخ هذه المؤسسة المبوء بالمواقف الشوفينية وخضوعها للتوجهات العروبية ونحرها للوطنية العراقية. ان هذه الدراسة ان تم وضعها عراقيا، فانها قد تضع الاصبع على الجرح، وتؤدي الى بناء مؤسسة الجيش وطنيا، لن يتمكن اي متهور سياسيا من خداعها وجرها لاقتراف جرائم بحق العراقيين مستقبلا، انتصارا لتوجه سياسي معين.
الجيش هو المؤسسة، التي تحمي الوطن من اي اعتداء خارجي، ويمكن لها ان تتدخل في العمل الوطني الداخلي حينما يتعرض الوطن للكوارث البيئية كالفيضانات والحرائق الكبيرة مثلا. وعندما نقول مؤسسة تحمي الوطن، معناه انها تحمي كل مواطن في الوطن وتنظر اليه نفس النظرة. وعندمانقول ايضا تحمي الوطن، يجب ان تمتلك جراة للقول بلا في عملية ادخالها في اي مغامرة داخلية او خارجية، ليست لها علاقة بحماية الوطن. ويجب ان تكون قادرة على حماية الوطن من قيام اي مجموعة من الاشخاص من الاستيلاء على الحكم الدستوري وتغييره وتوجيه سياسيته بما يخدم ايديولوجية هذه الفئة.
تاريخ الجيش العراقي، ومرة اخرى بعيدا عن الحالة الراهنة، التي نتمنى ان تكون نقطة فاصلة عن تاريخ السابق، لا تبشر ولا تظهر الجيش العراقي في ثوب الوطنية ابدا. حينما تقدمت القوات التركية، واحتلت مناطق واسعة من شمال العراق وخصوصا مناطق فيقضاء راوندوز في بداية العشرينيات القرن العشرين، لم يتمكن هذا الجيش من الدفاع عن الوطن، فاستعان العراق بالقوات الاشورية المنضوية في الليفي الانكليزي، للقيام بالمهمة، ولكن اول عمل يذكر للجيش العراقي وتم وصفه بالبطولة ومنح قواده عليه الاوسمة، كانت مذبحة الاشوريين عام 1933، وجراء ما تم منحه والمديح الذي قدم له، قام الجيش باول انقلاب عسكري في الشرق الاوسط، حينما فرض قائده بكر صدقي حكومة تماشي ميوله السياسية عام 1936. هل نسى العراقيين، ادخال الجيش العراقي في معارك مع عشائر فرات الاوسط، وهل نسى العراقيين انقلاب العقداء الاربعة. وهل نسى العراقيين قيام الجيش بضرب بارزان والمناطق الشمالية في اربعينيات القرن الماضي بالطيران، وهل نسى العراقيين انقلاب 14 تموز 1958 ونتائجه الوخيمة العاقبة على العراق، بحيث تمكن الانقلاب، ورغم نيات زعيمه الصافية، من تحويل مسار التاريخ وتجميد التطور الديمقراطي والقانوني للبلد، من خلال فرض دستور مؤقت بقى مؤقتا لعقود طويلة. وهل نسى العراقيين قتال الجيش العراقي وجلبه الجيش السوري في ستينيات القرن العشرين للحركة الكوردية، وهل نسى العراقيين ما كان يقوم به هذا الجيش في الثمانينات من تدمير القرى في شمال الرعاق (اقليم كوردستان) والانفال. وهل نسى العراقيين قيام قطاعات كبيرة من الجيش تعدادها عشرات الالاف بالهروب امام داعش وتسليمهم لنينوى وما كانوا يمتلكون من الاسلحة والمعدات، من قام بكل هذه، انها مؤسسة بنيانها كان طائفيا وقوميا شوفينيا ولم يكن وطنيا البته.
والان لنعرف ماهي الحروب التي دخلها الجيش العراقي للدفاع عن التراب الوطني، سنجد ومع الاسف انه لم يدخل اي حرب للدفاع عن وحدة العراق و وحدة ترابه، الواجب المناطق به اساسا، بل دخل حرب مع الجارة ايران، وكل الدلائل تشير انه كان البادئ بهذه الحرب القذرة التي اخسرتنا مئات الالاف من القتلى والجرحى، دون اي مقابل، دون اي سبب منطقي، قيل لنا زين القوس وسيف سعد، اسمان لم نكن قد سمعنا بهما في العراق قبل هذه الحرب اللعينة، التي شتت عشرات الالوف من العراقيين الاخرين وتم تحت وطأتها تهجير الالاف الاخرى. هل كانت حرب الاستيلاء على الكويت، تلك الجارة الجنوبية، وحتى لو كانت لنا خلافات سياسية او اقتصادية معها، فهل كان هذا مبررا كافيا للحرب، وكلنا عرفنا وشاهدنا نتائجها المرعبة على الوحدة الوطنية وعلى تماسك اللحمة الوطينة، وارتفاع الخطاب الديني الطائفي. اي حرب دخلها الجيش العراقي وطنيا، لا حرب.
على ابناء شعبنا العراقي، ان يعوا وان يتخلصوا من الشعارات العاطفية، والتي لم نحصل منها الا على سرقة مافي جيوبنا، ومقتا ابناءنا، تدمير ممتلكاتنا، وزيادة سمك جدار الشك بيننا، ان اي مؤسسة لتكون في خدمة شعبنا، كله، يجب ان تعمل لاجل تقدمه وتطوره، ولاجل ترسيخ قيم المساواة بين ابناءه، وان يتم تقديس قيم الحريات فيه، وان تكون هناك علاقة واضحة وصحيحة بين كل موسساته. لا اعلم ماذا سيقول من يقدس مؤسسة الجيش العراقي لابناء حلبجة كمثال، ان التبريرات لن تفيد اي احد، كان على هذا الجيش ان يكون حريصا على المواطنين اكثر من الاخرين، ولكن التجارب الحقيقة اظهرته، وكان بعض المواطنين ولا سباب قومية او دينية او طائفيه هم اعداءه.
ان قبول الجيش الخضوع لسلطة غير دستورية، وعدم رفض اوامرها، وبالتالي الطلب منها التنحي، والعودة الى المسار الدستوري، هو بعينه جريمة لا تغتفر بحق الوطن، فكيف اذا كان هذا الجيش قد شارك في الاستيلاء على السلطة؟
تحياتي لكل جندي عراقي باسل يقاتل داعش وكل المنظمات الارهابية، وستبقى مطالبي كعراقي، ان ارى مؤسسة عراقية بحق، تعمل لحماية العراقيين كلهم.
التعليقات