كشفت شركة الفيسبوك، في شهر ايلول الماضي، عن وجود حملة رقمية قادتها روسيا تهدف الى احداث شرخ وانقسام وخلافات سياسية واجتماعية في المجتمع الامريكي من خلال بث معلومات كاذبة ومزيفة في هذه المنصة.
واوضحت الشركة، على لسان رئيس قسم الأمن الإلكتروني أليكس ستاموس، ان روسيا قد انفقت حوالي 100 الف دولار على 3000 إعلان و470 حساب وصفحة مزيفة تنتهك الشروط الخاصة للمستخدمين في الفيسبوك، لمدة عامين وانتهت في الشهر الخامس من هذه السنة.
وفيما يتعلق بعدد الافراد او المستخدمين الذين شاهدوا الاعلانات، فقد بينت الفيسبوك ان 10 مليون مستخدم شاهدوا الإعلانات المذكورة أعلاه، واشار نائب مدير الفيسبوك للاتصال والسياسات اليوت سجارج الى ان 44% من الاعلانات قد تمت مشاهدتها قبل انتخابات 2016 الامريكية، و56٪ شوهدت بعد الانتخابات، و 99٪ من الإعلانات قد كلفت اقل من الف دولار.
ولم يسلم حتى تطبيق الانستغرام من حملة الاعلانات الروسية بحسب الفيسبوك، حيث اكدت التقارير ان 5% من اجمالي الاعلانات التي ظهرت على الموقع تم نشرها على الانستغرام، وقد تم انفاق حوالي 6700 دولار على هذه الإعلانات، اما ارباح الفيسبوك فقد بلغت مائة ألف دولار أميركي من هذه الإعلانات.
وقد ركزت اغلب الاعلانات على تسويق رسائل سياسية واجتماعية تعد محل للخلاف في التوجهات الايديولوجية السائدة في الخارطة السياسية والاجتماعية للولايات المتحدة الامريكية، وهي تمس موضوعات تبدأ بقضايا المثلية مرورا بالعرق وانتهاء بالهجرة وحمل السلاح، وبعض من هذه الاعلانات كانت لتشجيع الناس على متابعة الصفحات التي تتعلق بهذه القضايا.
وبحسب التقارير فان الفيسبوك قد ابلغ المستشار روبرت مولر المسؤول عن التحقيق في قضية احتمال تدخل روسيا بالانتخابات الامريكية بهذه المعلومات واطلع ايضا اعضاء بمجلس الشيوخ والنواب بما فعله الروس، وقد جهزت الفيسبوك بيانات متكاملة حول الاعلانات للحملات المذكورة، و اكدت انها ستسلم الاعلانات والمعلومات المتعلقة بالانتخابات الى المحققين الحكوميين المسؤولين عن قضية التحقيق في التدخل الروسي.
ولم تقتصر هذه الاعلانات على منصة الفيسبوك، بل قد تعداه ايضا لشركة تويتر، اذ أوضح مسؤولو تويتر، في جلسة استماع في مجلس الشيوخ، أن شبكة روسيا اليوم الروسية أنفقت أكثر من 274 ألف دولار على اعلانات تويتر عام 2016 في نفس الفترة التي جرت فيها انتخابات الرئاسة الامريكية، ولذا قامت تويتر بغلق نحو 200 حساب
تؤكد أن لها علاقة في هذا الموضوع.
وقد حاول رئيس ومؤسس شركة فيسبوك مارك زوكربيرغ تبرير الموقف، فأكد إن الشركة عاجزة عن مراقبة كامل المعلومات التي تنتشر في منصات الشبكة، ومع ذلك فقد شدد على أن من ينتهكون قواعد استخدام فيسبوك فانهم سيواجهون عواقب كبيرة.
وبسبب موقف الفيسبوك ضد روسيا، هددت الاخيرة بانها سوف تحجب الشبكة الاجتماعية في عام 2018، مع انها قد بررت القرار بانه يتعلق بقانون تخزين المعلومات المحلية التي لم تمتثل الفيسبوك له لحد الان.
برأيي الشخصي ان القضية ستكون لها تداعيات اخرى لاتتعلق في التدخل الروسي بالانتخابات الامريكية فحسب، بل في كل انتخابات تجري في العالم، اذ اتضح للجميع ان الفيسبوك يملك كما هائلا من المعلومات والبيانات حول مايجري في هـذه المنصة لم يتخيلها أي مستخدم، ومن الممكن الكشف عنها في اي وقت مع تفاصيل نشرها وتاريخه ومكانه، وبالتالي سيتم فضح حجم ماتم انفاقه في أي انتخابات اذا تم تحريك القضية من أي بلد ووفقا لاطر قانونية.
وفي هذا الخبر تحذير واضح لكل الكتل والاحزاب السياسية التي تدخل الانتخابات في المستقبل، ومنها الاحزاب العراقية، حيث ان اي نشاط غير قانوني على هذه المنصة سوف يتم كشفه وذلك من خلال آلية خاصة بالفيسبوك ترصد الاعلانات الموجهة والصفحات التي تنشر اخبار كاذبة ومزيفة تمولها الأحزاب من اجل اسقاط الاخرين.
وهذا يعني؛ ان على السياسيين والاحزاب العراقية الذين يتعاملون مع
الصفحات المزيفة ان يستوعبوا هذا الدرس المجاني الذي حصل، وان يُدركوا ان الاموال التي يتم انفاقها في الانتخابات تحت مرأى ومسمع الفيسبوك وقد تُكشف كل تفاصيلها في يوم ما، وحينها سيسأل الناس عن مصدر هذه الاموال الطائلة التي تمتلكها تلك الاحزاب! وعن فضائح دعم صفحات تنشر اخبار مزيفة وكاذبة!.
باحث في مجال التواصل الاجتماعي
التعليقات