بتاريخ 19 نوفمبر 2010 نشرت في "ايلاف" مقالا بعنوان "الورقة العراقية للمجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية"، قدمت فيه جملةمقترحات بشكل مسودة قانون لاقامة مجلس عراقي وطني للسياسات الاستراتيجية، وذلك لمقتضيات ضرورية في تلك السنوات، واليوم وبعد ظهوور بوادر بروز وخلق أزمات اقليمية ودولية غير متوقعة في المنطقة بفعل السياسات المتسمة بالمفاجات التي يتبعها الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب، بات من الضروري اعادة تذكير السياسيين العراقيين بجميع كياناتهم الحزبية ومكوناتهم الشيعية والسنية والكردية بضرورات التهيوء والاستعداد لمجابهة مرحلة قادمة حرجة سياسيا وعسكريا وامننيا واقتصاديا على الصعيدين الاقليمي والدولي ستتعرض لها منطقة الشرق الاوسط، وذلك للتعامل مع الاحداث والتغييرات التي ستحصل بالمدى القريب عاجلا أو آجلا في المنطقة، بغية حماية العراق من الاضرار التي قد تنجم عنها تغيير السياسات الامريكية في الشرق الاوسط وخاصة المتعلق منها بالبرنامج النووي الايراني وبالأزمة السورية واعادة النظر بالدور الاقليمي لدول معينة خرجت عن الحدود المسموحة لها، وتوازيا مع الجهود الدولية والعراقية والكردية للقضاء على تنظيم داعش الارهابي.

 

ويبدو من خلال التصريحات الصادرة من الرئيس ترامب والادارة الامريكية الجديدة ان ايران مستهدفة في المنطقة للضغط عليها واعادة نفوذها الممتدة اقليميا الى داخل حدودها من قبل واشنطن والدول المتحالفة معها، ويحاول دونالد ترامب سحب الاذرع الايرانية الممتدة الى العراق وسوريا ولبنان واليمن ومناطق اخرى وحصرها داخل الجمهورية الاسلامية، ويبدو ان ميدان الصراع بين واشنطن وطهران خلال السنوات القليلة المقبلة سيكون العراق لان الطرفين لهما دور ونفوذ كبيرين على الساحة السياسية والامنية العراقية.

 

ولهذا واستنادا الى المعطيات الامريكية والاقليمية الجديدة فان مسرولية والمهام الملقاة على السياسيين في بغداد واربيل بالرغم عن فسادهم وجورهم بحق اموال وثروات الشعب، فان ضرورات التعامل المسرول مع تغيرات وتقلبات الصراعات الحالية والمستقبلية بين الاطراف المحلية والاقليمية والدولية في المنطقة تتطلب موفا موحدا ووقفة ومسؤولية وتراصفا عراقيا لحماية البلاد من مضار ومساويء الاتي في المستقبلين القريب والبعيد، وهذا الموقف يتطلب من الساسة الوحدة والتراص تحت قيادة سياسية واحدة بعنوان مؤقت هو "المجلس الوطني المؤقت لقيادة العراق" ليكون ذراعا سياسيا قويا لمجلس النواب وللحكومة الاتحاددية في بغداد لمجابهة ما يحمله القادم من أحداث وتغييرات.

 

ووفق المعطيات الجديدة بعد دحر تنظيم داعش الارهابي وتحرير أغلب المدن العراقية، ونجاح العمليات العسكرية للقوات المسلحة والبيشمركة، وبعد تعرض البلاد الى أكبر عملية نزوح جماعية لاكثر من ثلاث ملايين مواطن، وبغية تقديم نص سياسي مقترح ملائم للظروف الراهنة التي يمر بها العراق وبعد التغييرات الجديدة الحاصلة في سياسة الولايات المتحدة، ارتأينا تقديم هذه الورقة كمسودة قانون لتأسيس مجلس اعلى باسم "المجلس الوطني المؤقت لقيادة العراق" للاخذ بها من قبل الاحزاب السياسية ومن قبل مجلس النواب للنظر فيها وتشريع قانون لهذا الغرض، وفيما يلي نص الورقة المقترحة:

مسودة ورقة المجلس الوطني المؤقت لقيادة العراق

 

مقدمة:

يُسَنّ قانون باسم "المجلس الوطني المؤقت لقيادة العراق" من قبل مجلس النواب وبعد الحصول على اتفاق سياسي بين الكتل البرلمانية داخل مجلس النواب والاحزاب السياسية في العراق واقليم كردستان.

المسودة المقترحة للقانون

المادة الأولى:

يشكل هيئة مستقلة وفق المادة 108 من الدستور الدائم باسم "المجلس الوطني المؤقت لقيادة العراق".

المادة الثانية:

أولا: يكون للمجلس أمين عام بالدرجة والصلاحيات الممنوحة بروتوكوليا الى رئيس الجمهوورية ضمن الرئاسات العليا في البلاد، ويكون عضوا فيه رئيس الجمهورية ونوابه، ورئيس الوزراء ونوابه، ورئيس مجلس النواب ونوابه، ورؤساء الاحزاب التي تملك كتل برلمانية في مجلس النواب،ورئيس اقليم كردستان ونائبه ورئيس حكومة الاقليم ونائبه، ورئيس برلمان كردستان، ورؤساء الاحزاب الكردستاننية التي تملك كتلا نيابية في برلمان الاقليم. 

ثانيا: تكون للمجلس أمانة عامة كاملة ومقر عام ولواء رئاسي أسوة بالرئاسات الثلاث.

ثالثا: ميزانية المجلس مستقلة، وتخصص ضمن لميزانية السنوية العامة،شأنها شأن الرئاسات الثلاث، وتقر في قانون الموازنة العامة كبند ملحق.

المادة الثالثة:

يضم المجلس، اضافة الى ما ذكر في اولا من المادة الثاننية، رئيس المجلس الاتحادي ورئيس مجلس القضاء الأعلى، ووزير الدفاع ووزير الداخلية ووزير الأمن الوطني ووزير الخارجية ووزير المال ووزير العدل ورئيس جهاز الاستخبارات ووزير البيشمركة ووزير الداخلية في حكومة الاقليم، ويمكن إضافة أعضاء آخرين من غير التنفيذيين بصفة مراقبين، ولا يحق لهم التصويت على قرارات المجلس.

المادة الرابعة:

أولا: يكون المجلس جزءاً من السلطة التنفيذية ولا يحل محل مجلس الأمن الوطني الاستشاري في مجلس الوزارء، إضافة إلى مهماته الأخرى.

ثانيا: يلزم الوزراء كل حسب اختصاصه بحضور الاجتماعات اللازمة في حقول اختصاصهم، على أن لا يتناقض ذلك مع عملهم في مجلس الوزراء، مع الالتزام التام بما يصدر عن المجلس من قرارات. 

ثالثا: المجلس يمتلك هيئة مستشارين في الحقول الاختصاصبة المختلفةفي الشؤون السياسية، والعلاقات الخارجية والداخلية، والشؤون الاقتصادية والنقدية والشؤون الأمنية والعسكرية وشؤون الطاقة والنفطوالغاز والكهرباء والماء، وشؤون البيئة والأمن الغذائي، وأي مهمات أو اختصاصات أخرى.

أهداف المجلس

المادة الخامسة:

أولا: حماية شعب وأمن وسيادة العراق والحفاظ على النظام الديمقراطي التعددي البرلماني للدولة.

ثانيا: ابعاد العراق من الحروب والصراعات الاقليمية والدولية التي تتعرض لها المنطقة.

ثالثا: ارساء وتطبيق نهج وسياسة عدم الانحياز على نطاق الدولة والاحزاب، وعلى صعي العلاقات الاقليمية والدولية للعراق.

المادة السادسة:

اختصاصات المجلس تشمل مايلي:

أولا: بلورة رؤى مشتركة ومسؤولة في إدارة الملفات الاستراتيجية في مؤسسات الدولة العليا في القضايا الاقتصادية والسياسية والأمنية والخدمية والطاقة وغيرها، والتكامل في الخطط والبرامج وفق خريطة تنموية شاملة لها صفة الإلزام للأجهزة التنفيذية.

ثانيا: وضع جدول زمني بالأولويات والمهام الوطنية ومتابعة تنفيذها.

ثالثا: تحديد قائمة بأولويات القوانين وتدوين مسوداتها لتقديمها الىمجلس النواب بما يحقق تطبيق الخطط والأهداف الاستراتيجية، وتقويم منظومة التشريعات والقوانين النافذة لتشخيص مواطن الخلل والتنافض والتعارض الحاصل في تشريعات الدولة العراقية في مراحل تاريخها وإلغاء القوانين والقرارات والتعليمات الصادرة في عهد النظام السابق التي تتعارض مع المصلحة العامة، بالتنسيق مع السلطة التشريعية.

رابعا: وضع ضوابط ومعايير علمية دقيقة تضمن تحقيق الانسجام والتوازن بين الموارد العامة وتخصيصات الموازنة العامة وأولويات الخطط والبرامج والأهداف الاستراتيجية.

خامسا: إيجاد الحلول الفاعلة لكل ما يسهّل قيام السلطة التنفيذية بمهماتها وإزالة العوائق التي تعترض أداءها.

سادسا: التوصل إلى رؤية مشتركة في ما يخص التعديلات الدستورية بما يضمن تجاوز الثغرات التي برزت في المرحلة السابقة ويعزز كفاءة النظام السياسي الحالي وإيفائه بمتطلبات الاستقرار العام والتقدم في المرحلة المقبلة.

سابعا: تقويم أداء السلطة القضائية بما يحقق غايات العدالة وضمان الالتزام هيئاتها بمواد الدستور والقوانين النافذة وبما يعزز حالة الاستقرار الأمني.

 

مهام المجلس

 

المادة السابعة:

أولا: وضع واقتراح السياسات العليا للدولة في مختلف المجالات ومتابعة تنفيذ هذه السياسات من الجهات المكلفة ذات العلاقة وتنظيم علاقة العراق بالمجتمع الدولي.

ثانيا: تنظيم أمور الأمن الداخلي والأمن الخارجي بما يضمن استقرار العراق وقدرة الدولة على ردع أو صد العدوان مهما كان نوعه أو زمنه.

ثالثا: تنظيم القطاعات الاقتصادية المختلفة بما يحقق الازدهار والحياة الكريمة للمواطن في مجالات النفط والغاز، الصناعة، الزراعة، التجارة، السياسة النقدية، السياسة المالية والتنموية للاستثمار.

رابعا: تنظيم الاعمال الخاصة بضمان التماسك الاجتماعي (الأمن الاجتماعي) بمفهومه الواسع، الذي يتعلق بالخدمات، البيئة، حقوق الإنسان، الحياة السياسية، الثقافية، الإغاثة، التنمية البشرية.

خامسا: السياسات العليا التي يضعها المجلس تعتبر الأساس الذي تضع بموجبه الأجهزة التنفيذية خططها كل حسب اختصاصه، وبما يضمن تحقيق السياسات العليا.

 

المادة الثامنة:

أولا: الأوامر الادارية للمجلس بحكم المراسيم الديوانية لرئاسة مجلس الوزراء على ان لا تتعارض مع الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ومجلس النواب.

ثانيا: عند حصول قرار المجلس على أغلبية اصوات أعضاء المجلس يكونملزما.

 

المادة التاسعة:

أولا: لا يعمل بأي نص او أمر او قرار يصدر من المجلس يتعارض مع الدستور الدائم.

ثانيا: يحق لمجلس النواب بعد دورة انتخابية واحدة الغاء "المجلس الوطني المؤقت لقيادة العراق" او قبلها اذا اقتضت الضرورة.

 

الاسباب الموجبة:

لغرض تحقيق شراكة وطنية حقيقية بين الكتل النيابية في مجلس النوابوالاحزاب السياسية، وبهدف ضمان الاستقرار والأمن وابعاد العراق عن الصراعات الاقليمية والدولية في المنطقة، وارساء نهج ومبدأ سياسة عدم الانحاز، وبغية خلق توازن بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في ادارة الدولة على اساس الالتزام الكامل بالدستور الدائم، شرع هذا القانون.

 

(*) ينشر بالتزامن في "ايلاف" اللندنية" وجريدة "الصباح الجديد" البغدادية