إذا وقعتَ في حفرة عميقة فتوقف عن الحفر " If you fall in a deep hole, stop digging"
واقع حال العراق الحالي كحفرة عميقة تتطلب الكثير من الأستجابات الحقيقة لإنتشال شعبه من الذل الذي رافق العملية السياسية منذ وصول الطبقة السياسية التي لاتملك أكثر من طرح مبادرات وإصدار بيانات ولقاءات لإستجداء الدول الأجنبية بإيجاد و" إنتقاء حلول" لهم ولشعبنا المُهجّر،حيث يرى الكثيرون أن هذه البيانات واللقاءات تلقي الظل على رغبات لا تعبر في واقعها عن الشعب العراقي . أما متى سيخرج العراق من الحفرة ويتسلق سُلَم الحضارة ، فذلك مالانعرفه حالياً . 
تقمص شخصيات علمية ودينية لأدوار ليسوا أهلاً لها ، ليس جديداً على من دخل واقع العلم والدين من سطحيته وبعدما طَلبَ منهم الناس الأيضاح والتفسير وجرأة التنفيذ ، إنجرفوا الى حفرة عميقة لا مخرج لها. 
العالم الفيزيائي والفنان لوناردوا دافنتشي Leonardo da Vinci (1452–1519) كان أول من أدخلنا علم الفضاء وجاذبية الأرض والطيران الشراعي ، ومن التندر في العراق أن يرى الناس تشبه كاظم فنجان الحمامي وزير النقل العراق الحالي بشخصية لوناردوا دافنتشي ، بل وتفوق على شخصيته في خيال لايدل على عقل متزن ، خاصة بعد تصريحه(( أن الناس لايعلمون أن أول المطارات والمركبات الفضائية في كوكب الأرض كانت قد أنشئت في ذي قار- جنوب العراق قبل 5000 خمسة ألآف سنة قبل الميلاد )).
وجه الخلاف هو أكاذيبهم ومعرفتنا بأكاذيب مؤازريهم ، وترويج عقودهم الورقية وإدراكنا لخفاياها ، أموالنا وحصانتهم ، ثم أصواتنا وسرقاتهم . وبعد إنعدام أهلية الطبقة القيادية المنتخبة وفقدان القيمة المجتمعية بوصول عناصر لاتمتلك ذرة من العلم عراقية ولاتمتلك عقولها إلا خلق الأزمات وزرع الفتن والولاء المصطنع لإئتلاف أو تيار طائفي وأحزاب غير خدومة ، تخدع مواطنيها وهم ليسوا أسعد حالاً ممن يساندونهم .
وهنا ننتقل الى الثقافة المجتمعية لأناس يتشدقون بإنتمائهم الى منظمات ومؤسسات خدمية دولية لاتعرف تلك المنظمات أي شيء عنهم ولا حتى أسمائهم وهم يلصقونها بصورهم وأعلامهم وإنجازاتهم التي لاتتعدى زخرفة المطابع . 
الثقافة المجتمعية الجديدة تتخلى كلياً عن الجانب الأخلاقي والعلمي والمدرسي والجامعي وشهادات بكالوريوس ودكتوراه الغير موثقة أوالمعترف بها من أي جامعة ويملكها حتى لو كان المدعي بالدكتوراه عمره أقل من 20 سنة .
بنظرة فاحصة أخرى لإعلان رئيس ائتلاف متحدون، أسامة النجيفي، دعمه لمبادرة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، التي طرحها، يوم 20 شباط 2017 ، تجد سلسلة من النفاق المتمكن والتودد والتقرب المفتعل وترحيب جاء في بعض نصوصه " مرحلة مابعد تحرير مدينة الموصل وتتضمن 29 فقرة " و تنتفخ كبالونات هوائية يأملون منها أن تنطق وتنطلق وتتلون كمركبات الفضاء ، وفقرة أخرى " تتضمن ترحيباً بالأفق الوطني الجاد، ورؤية مشجعة، هدفها وضع الحلول والارتقاء بالعمل الوطني، وتفكيك الأزمات والمشاكل التي تعصف بالبلد. كما تضمنت "ضرورة فتح حوار جاد وفاعل مع الأطراف في كردستان من أجل الوصول إلى حلول تنفع واقع العراق وشعبه" . 
هذا ماتجده منذ عام 2004 في بياناتهم المكررة كل شهر أو شهرين لامتصاص غضب الشارع بنشر الأتفاقات الخادعة اللا مخلصة والصادرة من مذاهب التفرقة العنصرية لغرض تحصين مواقعهم وتأهيل أنفسهم ، وخلالها تصدر بيانات ونصوص في إتفاقيات ورقية وفقرات إتفاق لاضوابط لها وتباع الى الأمية أو لمن يقرأ .
ومن جملة المبادرات الأتكالية الخيالية ولايعرف الناس لمن توجه في الخارج ، يأتي الى الأذهان ، رغبة نفسية في تفضيلهم الهيمنة الأجنبية ولإستجداء الدول ولقاء ممثليها وتفويضهم ، وهم يفقون بلايين الدولارات على أنفسهم وعلى عقود شراء معدات عسكرية يدفعون 4 الى 6 أضعاف قيمتها الأصلية . ولايستطيع أحد أن يفهم لغة الأستجداء التي تشمل مبادرات هوائية " فتح صندوق دولي لدعم حملة الإعمار في جميع المناطق المتضررة" " تبرعات مؤسسات دولية صديقة " وضرورة مسك الأرض في المناطق المحررة والمناطق المتنازع عليها". 
جمل يتعمد واضعيها الغموض وسطور مبادرات لاتخرج عن إطار الكذب ، واسئلة كثيرة تدور في عقل المواطن بلا أجوبة عن الطبقة السياسية التي تنهش من جسد العراق نهباً للمال العام لمدة 13 ، ترافقها بيانات المراوغين من خبراء تزويق الكلمات . و بلا شك أن هذه الطبقة هي مثار إستعجاب وإستهجان الناس في العراق ودول خارجية عديدة . وبعد ظهور حقائق رهيبة عن السلطات الثلات " محط تركيزي " تبين أن إستجداء الدول " بفتح صندوق دولي لدعم حملة الإعمار في جميع المناطق المتضررة" توضح إتكالية معظمهم على إنسانية دول لدعم الأعمار وهم يسرقون ويهربون اموال العراق الى الخارج وأجهزة مكافحة الفساد عندنا جرّدتها الحكومة من أية فاعلية، وأصبح عملها مجرد استطلاعات إعلامية لمغزى التمثيل النيابي الشعبي . وقد تجلى لنا ذلك خلال سنوات خدمتهم البرلمانية منذ عام 2008 ، التي لم تكن أكثر من مهاوشات ومهاترات وتهديدات واستجوابات تتعلق بإختلاسات داخل وخارج قبة " وأمرهم شورى بينهم". والآن أصبحت المطالبة بسحب الثقة من أعضائه متأخرة و طلب التصويت على إقالتهم أصبح بعيداً عن الواقعية والأنتخابات القادمة وشيكة .
ولعل أكثر مايثيرني في الأنسان الخالي الوعي ، عنصريته وإستفحال مرضها يوماً بعد يوم في ظاهرة مخالفة وواضحة لكل الدعوات السماوية وإنسانيتها وكل العلوم الرياضية والفيزيائية والطبية ، رغم مرور عصور من إنغماس البشرية والتبشير بها.


باحث وكاتب سياسي